للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التكذيب ولا إذ كنت في الجاهلية [ (١) ] ، فلما رأى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم ما قد غشيني ضرب في صدري [ (٢) ] ، ففضت عرقا، وكأنما انظر إلى اللَّه عز وجل فرقا.

فقال: يا أبي إني أرسل إليّ أن أقرأ القرآن على حرف، فرددت إليه أن هون


[ (١) ] قال الإمام النووي: معناه وسوس لي الشيطان تكذيبا للنبوة أشد مما كنت عليه في الجاهلية.
ولأنه في الجاهلية كان غافلا أو متشككا، فوسوس له الشيطان الجزم بالتكذيب. قال القاضي عياض: معنى قوله: سقط في نفسي: أنه اعترته حيرة ودهشة. قال: وقوله: «ولا إذا كنت في الجاهلية» معناه أن الشيطان نزع في نفسه تكذيبا لم يعتقده، وقال: وهذه الخواطر إذا لم يستمر عليها لا يؤاخذ بها، قال القاضي عياض: قال المازري: معنى هذا أنه وقع في نفس أبي بن كعب نزعة شيطان غير مستقرة، ثم زالت في الحال، حين ضرب النبي صلّى اللَّه عليه وسلم بيده في صدره، ففاض عرقا.
[ (٢) ] قال القاضي عياض: ضربه صلّى اللَّه عليه وسلم في صدره تثبيتا له حين رآه قد غشيه ذلك الخاطر المذموم.
قال: ويقال: فضت عرقا، وفصت عرقا بالضاد المعجمة، والصاد المهملة. وقال: وروايتنا هذه بالمعجمة قال الإمام النووي: وكذا هو في معظم أصول بلادنا، وفي بعضها بالمهملة.
قوله: «أرسل إلى أن اقرأ على حرف فرددت إليه أن هون على أمتي، فرد إلى الثالثة اقرأه على سبعة أحرف»
هكذا وقعت هذه الرواية الأولى في معظم الأصول، ووقع في بعضها زيادة،
قال: أرسل إليّ أن أقرأ القرآن على حرف فردت إليه أن هون على أمتي فرد إليّ الثانية، اقرأه على حرف، فرددت إليه أن هون على أمتي، فرد إلى الثالثة، اقرأه على سبعة أحرف.
ووقع في الطريق الّذي بعد هذا من رواية ابن أبي شيبة أن قال: اقرأه على حرف، وفي المرة الثانية على حرفين، وفي الثالثة على ثلاثة، وفي الرابعة على سبعة.
هذا مما يشكل معناه، والجمع بين الروايتين، وأقرب ما يقال فيه: أن قوله في الرواية الأولى فرد إلى الثالثة المراد بالثالثة الأخيرة وهي الرابعة، فسماها ثالثه مجازا، وحملنا على هذا التأويل، تصريحه في الرواية الثانية أن الأحرف السبعة إنما كانت في المرة الرابعة وهي الأخيرة، ويكون قد حذف في الرواية الأولى أيضا بعض المرات.
قوله: «ولك بكل ردة رددتها»
وفي بعض النسخ: رددتكها هذا يدل على أنه سقط في الرواية الأولى ذكر بعض الردات الثلاث، وقد جاءت مبينة في الرواية الثانية.
وقوله تعالى: «ولك بكل ردة رددتكها مسألة تسألينها،»
معناه مسألة مجابة قطعا، وأما باقي الدعوات فمرجوة، ليست قطعية الإجابة.