وبعث رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم جرير بن عبد اللَّه إلى ذي الكلاع وذي ظليم باليمن، وقدم جرير بن عبد اللَّه على عمر بن الخطاب من عند سعد بن أبي وقاص، فقال له: كيف تركت سعدا في ولايته؟ فقال: ولايته؟ أكرم الناس مقدرة، وأحسنهم معذرة، هو لهم كالأم البرة، يجمع لهم كما تجمع الذرة، مع أنه ميمون الأثر، مرزوق الظفر، أشد الناس عند البأس، وأحب قريش إلى الناس. قال: فأخبرني عن حال الناس، قال: هم كسهام الجعبة، منها القائم الرائش، ومنها العضل الطائش، وابن أبي وقاص ثقافها يغمز عضلها، ويقيم ميلها، واللَّه أعلم بالسرائر يا عمر. قال أخبرني عن إسلامهم، قال: يقيمون الصلاة لأوقاتها، ويؤتون الطاعة لولاتها. فقال عمر: الحمد للَّه إذا كانت الصلاة أوتيت والزكاة، وإذا كانت الطاعة كانت الجماعة. وجرير القائل: الخرس خير من الخلابة، والبكم خير من البذاء. وكان جرير رسول على رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه إلى معاوية، فحبسه مدة طويلة، ثم رده برق مطبوع غير مكتوب، وبعث معه من يخبره بمنابذته له في خبر طويل مشهور. روى عنه أنس بن مالك، وقيس بن أبى حازم، وهمام بن الحارث، والشعبي وبنوه عبيد اللَّه، والمنذر، وإبراهيم. (الاستيعاب) : ١/ ٢٣٦- ٢٤٠، ترجمة رقم (٣٢٢) ، (الإصابة) : ١/ ٤٧٥- ٤٧٦، ترجمة رقم (١١٣٨) .