للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونقل عن الحسن أن ذلك كان على سبيل الوسوسة ولم يتمثل لهم، هذا مبني على ما أصّله المعتزلة من امتناع رؤية الجن أو امتناع وجودهم، والقرآن والسنة وآثار السلف يردون [ (١) ] ذلك، قال ابن إسحاق، وقد ذكر الحرب التي كانت بين قريش وبين بني بكر: وحدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير قال: لما أجمعت قريش المسير ذكرت الّذي بينها وبين بني بكر فكان يثنيهم فتبدّى لهم إبليس في صورة سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي، وكان من أشراف بني كنانة فقال: أنا لكم جار من أن تأتيكم كنانة من خلفكم، فخرجوا سراعا.

ثم ذكر محمد بن إسحاق من رواية أبي محمد عبد الملك بن هشام وقعه بدر إلى أن قال: وعمير بن وهب أو الحارث بن هشام فذكر أحدهما رأى إبليس حين نكص على عقيبة يوم بدر فقال: أين سراقة؟ ومثل عدو اللَّه فذهب فأنزل اللَّه فيه.

وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ فذكر استخراج إبليس أباهم وتشبهه بسراقة بن مالك بن جعشم لهم حين ذكروا ما بينهم وبين بني بكر من عبد مناة بن كنانة في الحرب التي كانت بينهم بقول اللَّه عز وجل فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ ونظر عدو اللَّه إلى جنود اللَّه من الملائكة قد أيّد اللَّه بهم رسوله صلّى اللَّه عليه وسلم والمؤمنين على عدوهم نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ وصدق عدو اللَّه، رأى ما لم يروا وقال: إِنِّي أَخافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ فذكر لي أنهم كانوا يرونه في كل منزل في صورة سراقة لا ينكرونه، حتى إذا كان يوم بدر والتقى الجمعان نكص على عقبيه فأوردهم ثم أسلمهم [ (٢) ] .


[ (١) ] في الأصل: «يردان» ، وما أثبتناه حق اللغة.
[ (٢) ] (سيرة ابن هشام) : ٣/ ٢١٥- ٢١٦، من رأى إبليس عند ما نكص على عقبيه يوم بدر، وقال في هامشه: وذكر غير ابن إسحاق: أن الحارث بن هشام تشبث به، وهو يرى أنه سراقة ابن مالك، فقال: إلى أين يا سراقة؟ أين تفر؟ فلكمه لكمة طرحه إلى قفاه.