للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال يونس بن بكير عن إسحاق حدثني عبد اللَّه بن أبي بكر بن حزم عن بعض بني ساعدة قال: سمعت أبا أسيد مالك بن ربيعة بعد ما أصيب بصره يقول: لو كنت معكم ببدر الآن ومعي بصرى لأخبركم بالشعب الّذي خرجت منه الملائكة لا أشك ولا أتمارى، فلما نزلت الملائكة ورآها إبليس وأوحى اللَّه إليهم أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا وتثبيتهم أن الملائكة تأتي الرجل في صورة الرجل يعرفه فيقول أبشروا فإنّهم ليسوا بشيء كروا عليهم واللَّه معكم، كروا عليهم، فلما رأى إبليس الملائكة نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم وهو في صورة سراقة، وأقبل أبو جهل يحرض أصحابه ويقول لا يهولنكم خذلان سراقة إياكم فإنه كان على موعد من محمد وأصحابه، ثم قال: واللات والعزى لا نرجع حتى تقرن محمد وأصحابه في الجبال، فلا تقتلوهم، وخذوهم أخذا [ (١) ] .

وقال عثمان بن سعيد الدرامي: حدثنا عبد اللَّه بن صالح قال حدثني معاوية بن صالح عن على بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه في قوله تعالى: وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ قال: أقبلت عير أهل مكة تريد الشام فبلغ أهل المدينة ذلك فخرجوا ومعهم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم


[ () ] وإنما تمثل في صورة سراقة المدلجي، لأنهم خافوا من بني مدلج أن يعرضوا لهم، فيشغلوهم من أجل الدماء التي كانت بينهم، فتمثل لهم إبليس في صورة سراقة المدلجي، وقال:
إني جار لكم من الناس، أي من بني مدلج.
ويروى أنهم رأوا سراقة بمكة بعد ذلك، فقالوا له: يا سراقة! أخرقت الصف، وأوقعت بنا الهزيمة، فقال: واللَّه ما علمت بشيء من أمركم حتى هزيمتكم، وما شهدت، وما علمت، فما صدقوه، حتى أسلموا وسمعوا ما أنزل اللَّه تعالى، فعلموا أنه إبليس تمثل لهم. وقول اللعين: إِنِّي أَخافُ اللَّهَ لأهل التأويل فيه أقوال، أحدها: أنه كذب من قوله: إني أخاف اللَّه، لأن الكافر لا يخاف اللَّه، والثاني: أنه رأى جنود اللَّه تنزل من السماء، فخاف أن يكون اليوم الموعود الّذي قال اللَّه فيه: يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ، الثالث:
إنما خاف أن تدركه الملائكة لما رأي من فعلها بحزبه الكافرين.
[ (١) ] (دلائل البيهقي) : ٣/ ٥٢- ٥٣.