للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو نائلة: ومعي رجال على مثل رأيي، وقد أردت أن آتيك ثقة بهم، فنبتاع منك طعاما وتمرا وتحسن في ذلك إلينا، ونرهنك ما يكون لك فيه، قال كعب إما إن رفاقي تقصف تمرا من عجوة تغيب فيها الضرس، أما واللَّه يا أبا نائلة ما كنت أحب أني أرى هذه الخصاصة بك، وإن كنت من أكرم الناس عليّ، أنت أخي نازعتك الثدي.

قال سلكان اكتم عنا ما حدثتك من ذكر محمد، قال كعب: لا أذكر منه حرفا ثم قال كعب: يا أبا نائلة اصدقني ذات نفسك، ما الّذي تريدون في أمره؟

قال: خذلانه والتنحي عنه، قال: سررتني يا أبا نائلة فما الّذي ترهنونني، أترهنونني أبناءكم ونساءكم؟ قال: لقد أردت أن تفضحنا وتظهر أمرنا، ولكنا نرهنك من الحلقة ما ترضى به، قال كعب: إن في الحلقة لوفاء وإنما يقول ذلك سلكان لئلا ينكرهم إذا جاءوا في السلاح، فخرج أبو نائلة من عنده على ميعاد فأتى أصحابه وأجمعوا أمرهم على أن يأتوه إذا أمسى لميعاده،

ثم أتوا النبي صلّى اللَّه عليه وسلم عشاء، فأخبروه فمشى معهم، حتى أتى البقيع [ (١) ] ، ثم وجههم، ثم قال:

امضوا على بركة اللَّه وعونه.

ويقال: وجههم بعد أن صلوا العشاء في ليلة مقمرة مثل النهار، ليلة أربعة عشرة من ربيع الأول، على رأس خمسة وعشرين شهرا.

قال: فمضوا حتى أتوا ابن الأشرف فلما انتتهوا إلى حصنه هتف به أبو نائلة، وكان ابن الأشرف حديث عهد بعرس، فأخذت امرأته بناحية ملحفته وقالت: أين تذهب؟ إنك رجل محارب، ولا ينزل مثلك في هذه الساعة، فقال:

ميعاد، إنما هو أخى أبو نائلة، واللَّه لو وجدني نائما ما أيقظني، ثم ضرب بيده الملحفة وهو يقول: لودعي الفتي لطعنة لأجاب، ثم نزل إليهم فحياهم، ثم جلسوا فتحدثوا ساعة حتى انبسط إليهم، ثم قالوا له: يا ابن الأشرف هل لك أن نتمشى إلى شرج العجوز [ (٢) ] فنتحدث فيه بقية ليلتنا؟ قال: فخرجوا يتماشون حتى وجهوا قبل الشرج فأدخل أبو نائلة يده في رأس كعب ثم قال: ويحك ما


[ (١) ] البقيع: بقيع الغرقد، وهو مقبرة المدينة.
[ (٢) ] شرج العجوز: موضع قرب المدينة.