للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن عباس ومجاهد: يبث فيكم الأهواء المختلفة فتصيرون فرقا، وقيل: المعنى يقوى عدوكم حتى يخالطوكم وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ البأس: الشدة من قبله، والإذاقة: الإنالة والإصابة به.

وهذا إخبار يتضمن الوعيد، وقد اختلف فيه، فذهب الطبري إلى أنه خطاب للكفار، وقال أبيّ وأبو العالية وجماعة: الآية خطاب للمؤمنين [ويؤيد قول من ذهب إلى ذلك] ما

خرجه البخاري [ (١) ] في كتاب التوحيد، من حديث حماد بن زيد، عن أيوب عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان، قال:

قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: إن اللَّه زوى [لي] الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن ملك أمتي سيبلغ ملكها.

قال أبو داود: وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوي لي منها فأعطيت الكنزين:

الأحمر والأبيض وأنى سألت ربي لأمتى أن لا يهلكها بسنة عامة ولا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، وإن ربي قال: يا محمد، إني


[ (١) ] (مسلم بشرح النووي) : ١٨/ ٢٢٩، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب (٥) هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض، حديث رقم (١٩) ، وله من حديث ثوبان أن الكنزين: الأحمر والأبيض، ثم ذكر نحو حديث أيوب عن أبي قلابة، وفي (الأصل) : البخاري والصواب ما أثبتناه، أما زوى، فمعناه جمع، وهذا الحديث فيه معجزات ظاهرة وقد وقعت كلها بحمد اللَّه كما أخبر به صلّى اللَّه عليه وسلم.
قال العلماء: المراد بالكنزين: الذهب والفضة، والمراد كنزي كسرى وقيصر ملكي العراق والشام، فيه إشارة إلى أن ملك هذه الأمة يكون معظم امتداده في جهتي المشرق والمغرب وهكذا وقع، وأما في جهتي الجنوب والشمال فقليل بالنسبة إلى المشرق والمغرب وصلوات اللَّه وسلامه على رسوله صلّى اللَّه عليه وسلم الصادق الّذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى. (شرح النووي) .
وأخرجه أبو داود في (السنن) : ٤/ ٤٥٠- ٤٥٢، كتاب الفتن والملاحم، باب (١) ذكر الفتن ودلائلها، حديث رقم (٤٢٥٢) .
وأخرجه ابن ماجة في (السنن) : ٢/ ١٣٠٤، كتاب الفتن، باب ما يكون من الفتن، حديث رقم (٣٩٥٢) .