للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخرّج البخاريّ في باب صلاة الضحى في الحضر [ (١) ] ، من حديث شعبة، عن أنس بن سيرين، قال: سمعت أنس بن مالك [الأنصاري] قال: قال رجل من الأنصار- وكان ضخما- للنّبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم: إني لا أستطيع الصلاة معك، فصنع للنّبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم طعاما فدعاه إلى بيته ونضح له طرف حصير بماء، فصلى عليه ركعتين وقال: فلان بن فلان بن الجارود لأنس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-: أكان النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم يصلي الضحى؟ فقال: ما رأيته صلى غير ذلك اليوم.

فلذلك اختلف الناس في صلاة الضحى، فذهبت طائفة من السلف إلى حديث عائشة المتقدم ولم يروا صلاة الضحى، حكاه ابن بطال، وأبعد بعضهم فقال: إنها بدعة كما يحكى عن ابن عمر.

خرّج البخاريّ [ (٢) ] من حديث مسدد قال: حدثنا يحيى عن شعبة، عن توبة، عن مورّق قال: قلت لابن عمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-:

أتصلي الضحى؟ قال: لا، قلت فعمر؟ قال: لا، قلت: فأبو بكر؟ قال: لا، قلت: فالنبي صلّى اللَّه عليه وسلّم؟ قال لا إخاله.

وخرّج الفرياني من حديث سفيان، عن منصور، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال: صلاة الضحى في السفر بدعة.


[ () ] بعضهم: «ابن همّار» ، وقال بعضهم: «نعيم بن هبّار» ، وقال بعضهم: «ابن همام» ، والصحيح: «ابن همّار» ، وأبو نعيم وهم فيه فقال: «ابن حماز» ، وأخطأ فيه، ثم ترك فقال:
«نعيم عن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم» . قال أبو عيسى: وأخبرني بذلك عبد بن حميد عن أبي نعيم.
[ (١) ] (فتح الباري) : ٣/ ٧٢، كتاب التهجد، باب (٣٣) صلاة الضحى في الحضر، حديث رقم (١١٧٩) .
قوله: «يصلي الضحى» قال ابن رشيد: هذا يدل على أن ذلك كان كالمتعارف عندهم، وإلا فصلاته صلّى اللَّه عليه وسلّم في بيت الأنصاري، وإن كانت في وقت صلاة الضحى، ولا يلزم نسبتها لصلاة الضحى، قال الحافظ: إلا أنا قدمنا أن القصة لعتبان بن مالك، وقد تقدم في صدر الباب أن عتبان سماها صلاة الضحى، فاستقام مراد المصنف، وتقييده ذلك بالحضر ظاهر لكونه صلّى اللَّه عليه وسلّم صلى في بيته.
[ (٢) ] (المرجع السابق) ، باب (٣١) صلاة الضحى في السفر، حديث رقم (١١٧٥) .