للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أوله، كانت صلاتهم أول الليل، يقول: هو أجدر أن تحصوا ما فرض اللَّه عليكم من قيامكم، وذلك أن الإنسان إذا نام لا يدري متى يستيقظ.

وقوله- تعالى-: قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا [ (١) ] هو أجدر أن يفقه القول، وقوله- تعالى-: إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا [ (٢) ] يقول فراغا طويلا.

وخرّج من طريق وكيع [ (٣) ] ، عن مسعود، عن سماك الخثعميّ عن ابن عباس، قال: لما نزلت أول المزمل، كانوا يقومون نحوا من قيامهم في شهر رمضان حتى نزل آخرها، وكان بين أولها وآخرها سنة. ترجم عليه باب نسخ قيام الليل والتيسير فيه.

وذهب بعضهم إلى أن الناسخ قوله- تعالى-: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ وقوله- تعالى-: عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ الآية، وأن ذلك ناسخ لقيام الليل في حق الأمة فقط، وفي هذا نظر، فإن الخطاب في أول السورة للنّبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم، وقد شركته الأمة في ذلك، فالخطاب في آخرها يتوجه لمن يتوجه إليه الخطاب في أولها، وقد قيل: إنّ المنسوخ من قيام الليل ما كان مقدرا، وأما الواجب فهو باق لقوله- تعالى-: فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ وهذا بناء على أن المراد بالقراءة الصلاة، فسماها- تعالى- ببعض أجزائها، فتكون الآية كقوله- تعالى-: فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ إذ لا بد من الهدى، فكذلك لا بد من صلاة الليل.

وحديث عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها-، المخرج في (الصحيحين) [ (٤) ] كان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم إذا صلى قام حتى تفطر رجلاه، قالت


[ (١) ] المزمل: ٢.
[ (٢) ] المزمل: ٧.
[ (٣) ] (سنن أبي داود) : ٢/ ٧٢، كتاب الصلاة، أبواب قيام الليل، باب (٣٠٦) نسخ قيام الليل والتيسير فيه، حديث رقم (١٣٠٥) ، (تفسير ابن كثير) : ٤/ ٤٦٥، سورة المزمل.
[ (٤) ] (فتح الباري) : ٣/ ١٨، كتاب التهجد، باب (٦) قيام النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم الليل، وقالت عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها-: كان يقوم حتى تفطر قدماه.