للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والّذي نص عليه الشافعيّ في (الأم) وغيره: أن السنة ترك التنفل بعد العشاء. كما يسن تركه بعد المغرب، وصرح به الماوردي، والقاضي حسين، وغيرهما، وأبعد البحلي فقال: إنه يأتي بسنة المغرب بعد العشاء ثم بسنة العشاء، ثم بالوتر، وهو مصادم للنص.

الثاني: قال الرافعيّ: مقتضى الحديث المروي عن عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- الّذي سلف، وكلام الأئمة هنا كون الوتر غير التهجد المأمور به، وذلك مخالف لما مرّ في باب صلاة التطوع أنه يشبه أن يكون الوتر هو التهجد، ويعتضد به الوجه المذكور هناك عن رواية الروياني. قال وكان التغاير أظهر، وكذا قال في (تذييله على الشرح) : من أنه الأظهر وتبعه صاحب (الحاوي) .

لكن خرّج البخاريّ [ (١) ] ومسلم [ (٢) ] وأبو داود [ (٣) ] والترمذي [ (٤) ] من حديث مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أنه سأل


[ (١) ] (فتح الباري) : ٣/ ٤١، كتاب التهجد، باب (١٦) قيام النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم بالليل في رمضان وغيره، حديث رقم (١١٤٧) ، وذكره في كتاب صلاة التراويح، باب (١) فضل من قام في رمضان، حديث رقم (٢٠١٣) ، وفي كتاب المناقب، باب (٢٤) كان النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم تنام عينه ولا ينام قلبه، رواه سعيد بن ميناء، عن جابر، عن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم.
[ (٢) ] (مسلم بشرح النووي) : ٥/ ٢٦٣، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب (١٧) صلاة الليل وعدد ركعات النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم في الليل، وأن الوتر ركعة، وأن الركعة صلاة صحيحة، حديث رقم (٧٣٨) .
قوله: «إن عيني تنامان ولا ينام قلبي»
هذا من خصائص الأنبياء- صلوات اللَّه وسلامه عليهم-. وسبق في حديث نومه صلّى اللَّه عليه وسلّم في الوادي، فلم يعلم بفوات وقت الصبح حتى طلعت الشمس، وأن طلوع الفجر والشمس متعلق بالعين لا بالقلب. وأما أمر الحدث ونحوه فمتعلق بالقلب، وأنه قيل أنه في وقت ينام قلبه، وفي وقت لا ينام، فصادف الوادي نومه. والصواب الأول. (شرح النووي) .
[ (٣) ] (سنن أبي داود) : ٢/ ٨٦- ٨٧، كتاب الصلاة، باب (٣١٦) في صلاة الليل، حديث رقم (١٣٤١) .