للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها-، كيف كانت صلاة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في رمضان؟ قالت: ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعا، فلا تسل عن حسنهنّ وطولهنّ، ثم يصلى ثلاثا، قالت عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها-: فقلت: يا رسول اللَّه أتنام قبل أن توتر؟ فقال: يا عائشة إن عينيّ تنامان ولا ينام قلبي. وهذا يدل على أن التهجد هو غير الوتر.

وما خرّجه مسلم [ (١) ] وأبو داود [ (٢) ] والترمذي [ (٣) ] والنسائي [ (٤) ] من طريق هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- قالت: كان


[ () ] (٤) (سنن الترمذي) : ٢/ ٣٠٢- ٣٠٣، أبواب الصلاة، باب (٣٢٥) ما جاء في وصف صلاة النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم بالليل، حديث رقم (٤٣٩) ، وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
[ (١) ] (مسلم بشرح النووي) : ٥/ ٢٦٢، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب (١٧) صلاة الليل وعدد ركعات النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم في الليل، وأن الوتر ركعة، وأن الركعة صلاة صحيحة، حديث رقم (٧٣٧) .
قال القاضي: قال العلماء: في هذه الأحاديث أخبار كل واحد من ابن العباس، وزيد، وعائشة، بما شاهد، وأما الاختلاف في حديث عائشة: فقيل: هو منها، وقيل: من الرواة عنها، فيحتمل أن إخبارها بأحد عشرة هو الأغلب، وباقي رواياتها إخبار منها بما كان يقع نادرا في بعض الأوقات، فأكثره خمس عشرة بركعتي الفجر، وأقله سبع، وذلك بحسب ما كان يحصل من اتساع الوقت أو ضيقه، بطول قراءة، كما جاء في حديث حذيفة وابن مسعود، أو لنوم، أو عذر أو مرض، أو غيره في بعض الأوقات عند كبر السن، كما قالت: فلما أسن صلى سبع ركعات، أو تارة تعد الركعتين الخفيفتين في أول قيام الليل، كما رواه زيد بن خالد، وروتها عائشة بعدها، هذا في مسلم، وتعد ركعتي الفجر تارة، وتحذفهما تارة، أو تعد إحداهما، وقد تكون عدت راتبة العشاء مع ذلك تارة، وحذفتها تارة.
قال القاضي: ولا خلاف أنه ليس في ذلك حد لا يزاد عليه ولا ينقص منه، وأن صلاة الليل من الطاعات، التي كلما زاد فيها زاد الأجر، وإنما الخلاف في فعل النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم وما اختاره لنفسه، واللَّه- تعالى- أعلم.