قال سفيان بن حسين، عن الحسن قال: لا تمنن عملك تستكثره على ربك
وفي رواية لا تمنن تستكثر عملك الصالح،
وعن الربيع بن أنس قال لا تكثرن عملك في عينك فإنه فيما أنعم اللَّه عليك وأعطاك قليل، وقال حصبة عن مجاهد: لا تضعف أن تستكثر من الخير، قال: لا تمنن في كلام العرب تضعف من قولهم حبل متين إذا كان ضعيفا، وقال ابن وهب عن أبي زيد قال:
لا تمنن بالنّبوّة والقرآن الّذي أرسلناك به تستكثرهم به لتأخذ عليه عرضا من الدنيا. واختار أبو جعفر محمد بن جرير الطبري من هذه الأقوال: ولا تمنن على ربك من أن تستكثر عملك الصالح لأنه في سياق آيات فيه أمره- تعالى- عليه السلام للجد في الدعاء إليه والصبر على ما يلقاه من الأذى في فكانت أشبه بذلك من غيرها، واختار القرطبي: لا تعط لتأخذ أكثر مما أعطيت من المال.
وقال: يقال: مننت فلانا كذا أي أعطيته، ويقال: العطية المن، فكأنه أمر بأن يكون عطاياه صلّى اللَّه عليه وسلّم للَّه- عز وجل- لا لارتقاب ثواب من الخلق عليها
لأن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم ما كان يجمع الدنيا، ولهذا قال: ما لي مما أفاء اللَّه عليكم إلا هذا الخمس، والخمس مردود فيكم كان ما يفضل من نفقة عياله مصروفا إلى مصالح المسلمين،
ولهذا لم يورث لأنه كان لا يدخر، ولا يقتني، وقد عصمه اللَّه- تعالى- عن الرغبة في شيء من الدنيا، ولهذا حرمت عليه الصدقة، وأبيحت له الهدية، فكان يتقبلها ويثيب عليها،
وقال: لو دعيت إلى كراع لأجبت، ولو دعيت إلى كراع لقبلت،
قال ابن العربيّ: وكان صلّى اللَّه عليه وسلّم يقبلها سنّة، ولا يستكثرها شريعة، وإذا كان لا يعطي عطية يستكثر بها فالأغنياء أولى بالاجتناب، لأنها باب من أبواب المذلة، وذكر قول من قال: معناه لا تعط عطية تنتظر ثوابها فإن الانتظار يعلق الأطماع، وذلك في حيرة بحكم الامتناع وقد قال اللَّه- تعالى-: وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ