للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى [ (١) ] وذلك جائز لسائر الخلق، لأنه متاع الدنيا، وطلب الكسب، والتكاثر بها [ (٢) ] .

قال القرطبي: وأما من قال: أنه أراد به العمل، أي لا تمنن على اللَّه بعملك فتستكثر فهو صحيح، فإن ابن آدم لو أطاع اللَّه عمره من غير معصية لم يبلغ نعم اللَّه بعد شكرها.

خرّج البيهقي [ (٣) ] من طريق زكريا بن عدي حدثنا ابن المبارك، عن الأوزاعيّ، عن عطاء، وقال زكريا: أراه عن ابن عباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- في قوله تعالى: وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ [ (٤) ] قال: هو الربا الحلال أن يهدي يريد أكثر منه فلا أجر فيه ولا وزر، ونهي عنه النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم خاصة، وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ.


[ (١) ] طه: ١٣١.
[ (٢) ] قال أبو حيان الأندلسي: وعن ابن عباس أيضا: لا تقل دعوت فلم أجب، وعن قتادة: لا تدل بعملك، وعن ابن زيد: لا تمنن بنبوتك تستكثر بأجر أو كسب تطلبه منهم. وقال الحسن: تمنن على اللَّه بجدّك، تستكثر أعمالك ويقع لك بها إعجاب، وهذه الأقوال كلها من المنّ تعداد اليد وذكرها.
وقال مجاهد: وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ما حملناك من أعباء الرسالة، أو تستكثر من الخير، من قولهم: حبل متين: أي ضعيف.
وقيل: ولا تعط مستكثرا رائيا لما تعطيه. وقرأ الجمهور: تَسْتَكْثِرُ برفع الراء، والجملة حالية، أي مستكثرا. وقال الزمخشريّ: ويجوز في الرفع أن تحذف «أن» ويبطل عملها. (المرجع السابق) .
[ (٣) ] (سنن البيهقيّ) : ٧/ ٥١، كتاب النكاح، باب ما نهاه اللَّه- عز وجلّ- عنه بقوله: وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ، ثم قال البيهقيّ: وأخبرنا أبو عبد اللَّه، وأبو بكر بن الحسن، قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد حدثنا أبو نعيم، حدثنا سلمة بن سابور عن عطية عن ابن عباس وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ قال: لا تعطي رجلا ليعطيك أكثر منه.
[ (٤) ] الروم: ٣٩.