للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خارجة بن زيد بن ثابت قال: لما نسخنا الصحف في المصاحف فقدت آية من سورة الأحزاب كنت كثيرا أسمع النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم يقرأها، لم أجدها عند أحد إلا مع خزيمة الأنصاريّ الّذي جعل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم شهادته شهادة رجلين مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ وفي هذا الحديث التصريح بأنه صلّى اللَّه عليه وسلّم قبل شهادة من شهد له. ومقتضى إطلاق صاحب (الحاوي الصغير) أن من خصائصه صلّى اللَّه عليه وسلّم أيضا قبول شهادة من شهد لولده أيضا وبه صرح المروذيّ في (توضيحه الكبير) وله أيضا أن يشهد لنفسه ولولده [ (١) ] صلّى اللَّه عليه وسلّم: فلو قال صلّى اللَّه عليه وسلّم: لفلان على فلان كذا، فيه وجهان.


[ () ] قال الحافظ في (الفتح) : هذا يدل على أن زيدا لم يكن يعتمد في جمع القرآن على علمه، ولا يقتصر على حفظه، لكن فيه إشكال، لأن ظاهره أنه اكتفى مع ذلك بخزيمة وحده والقرآن إنما يثبت بالواتر، والّذي يظهر في الجواب أن الّذي أشار إليه أن فقده فقد وجودها مكتوبة، لا فقد وجودها محفوظة، بل كانت محفوظة عنده وعند غيره، ويدل على هذا قوله في حديث جمع القرآن: «فأخذت أتتبعه في الرقاع والعسب» .
وفي هذا الحديث فضيلة الفطنة في الأمور، وأنها ترفع منزلة صاحبها، لأن السبب الّذي أبداه خزيمة حاصل في نفس الأمر يعرفه غيره من الصحابة، وإنما هو لما اختصّ بتفطنه لما غفل عنه غيره، مع وضوحه، جوزي على ذلك بأن خصّ بفضيلة من شهد له خزيمة أو عليه فحسبه.
[ (١) ] (روضة الطالبين) : ٥/ ٣٥٢، كتاب النكاح، باب في خصائص رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في النكاح وغيره. وأخرجه أيضا البيهقيّ في (السنن الكبرى) : ٧/ ٦٦، كتاب النكاح، باب ما أبيح له من الحكم لنفسه، وقبول شهادة من شهد له بقوله، وإن جاز ذلك جاز أن يحكم لولده، وولد ولده.