للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ وَكانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزاً [ (١) ] .

وسئل عليّ- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- كيف كان حبكم لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم؟ قال: كان واللَّه أحب إلينا من أموالنا، وأولادنا، وأبنائنا، وأمهاتنا، ومن الماء البارد على الظمأ.

وقيل لزيد بن الدّثنّة [ (٢) ] لما أخرجه أهل مكة من الحرم ليقتلوه، قالوا:

أيسرك أن محمدا في أيدينا مكانك وأنت في بيتك؟ قال: ما يسرني أن محمدا أشيك بشوكة وأني في بيتي، قال: يقول سفيان بن حرب: لا، ما رأينا أصحاب رجل قط أشد له حبا من أصحاب محمد بمحمد [ (٣) ] .

وقال القاضي حسين: يجب على المرء أن يكون حزنه على فراق النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم من الدنيا أكثر من حزنه على فراق أبويه، كما يجب عليه أن يكون عنده أحب إليه من نفسه، وأهله، وماله، والآثار في هذا عن السلف كثيرة جدا.

وقال القاضي عياض: من أحب شيئا آثره، وآثر موافقته، وإلا لم يكن صادقا في حبه، وكان مدعيا، فالصادق في حب النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم من تظهر علامات [ (٤) ] ذلك عليه، وأولها الاقتداء به، واستعمال سنته، واتباع أقواله،


[ (١) ] الأحزاب: ٢٥، والخبر في (مغازي الواقدي) : ١/ ٢٦٥.
[ (٢) ] هو زيد بن الدّثنّة، بفتح الدال وكسر المثلثة بعدها نون، ابن معاوية بن عبيد بن عامر بن بياضة الأنصاري البياضيّ. شهد بدرا واحدا، وكان في غزوة بئر معونة، فأسره المشركون، وقتلته قريش بالتنعيم.
قال ابن إسحاق في (المغازي) : حدثنا عاصم بن عمر بن قتادة، أن نفرا من عضل والقارة قدموا على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بعد أحد، فقالوا: إن فينا إسلاما فابعث معنا نفرا من أصحابك يفقهوا بنا في الدين، فبعث معهم خبيب بن عديّ، وزيد بن الدينة ... فذكر القصة بطولها، وهي في صحيح البخاريّ من حديث أبي هريرة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-.
[ (٣) ] (مغازي الواقدي) : ١/ ٣٦٢، وغزوة الرجيع.
[ (٤) ] كذا في (الأصل) ، وفي (الشفا) : «علامة» .