للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأفعاله، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، والتأدب بآدابه في عسره، ويسره، ومنشطه ومكرهه.

وشاهد هذا قوله- تعالى-: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [ (١) ] . وإيثار ما شرعه، وحض عليه على هوى نفسه، وموافقة شهوته، قال اللَّه- تعالى-: وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ [ (٢) ] . وإسخاط العباد في رضي اللَّه قال، فمن اتصف بهذه الصفة فهو كامل المحبة للَّه، ورسوله، ومن خالفها في بعض هذه الأمور فهو ناقص المحبة، ولا يخرج عن اسمها، ودليله

قوله صلّى اللَّه عليه وسلّم للذي حده في الخمر، فلعنه بعضهم، وقال: ما أكثر ما يؤتى به، فقال النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم: لا تلعنه فإنه يحب اللَّه ورسوله،

ومن علامات محبة النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم كثرة ذكره له، فمن أحب شيئا أكثر ذكره، ومنها كثرة شوقه إلى لقائه، فكل حبيب يحب لقاء حبيبه، ومن علامات ذلك كثرة ذكره وتعظيمه له، وتوقيره عند ذكره، وإظهار الخشوع، والانكسار مع سماع اسمه [ (٣) ] .

قال إسحاق التجيبيّ: كان أصحاب النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم بعده لا يذكرونه إلا خشعوا، واقشعرت جلودهم، وبكوا، وكذلك كثير من التابعين، منهم من يفعل ذلك محبة له، وشوقا إليه، ومنهم من يفعله تهيبا، وتوقيرا، ومنها محبته لمن أحب النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، ومن هو بسببه من آل بيته، وصحابته من المهاجرين، والأنصار، وعداوة من عاداهم، وبغض من أبغضهم، وسبهم، فمن أحب شيئا أحب من يحب، ومن قال أحب شيئا، أحب كل شيء يحبه، ومنها بغض من أبغض اللَّه ورسوله، ومعاداة من عاداه، ومجانبة من خالف سنته، وابتدع في دينه، واستقالة كل أمر يخالف شريعته، قال- تعالى-:


[ (١) ] آل عمران: ٣١.
[ (٢) ] الحشر: ٩.
[ (٣) ] (الشفا) : ٢/ ٢٠.