فلينصرف. وتقدم فقاتلهم. فقال طلحة والزبير: الحمد للَّه الّذي جمع لنا ثأرنا من أهل البصرة، اللَّهمّ لا تبق منهم أحدا فاقتتلوا قتالا شديدا، ومع حكيم أربعة قواد، فكان حكيم بحيال طلحة، وذريح بحيال الزبير، وابن المحترش بحيال عبد الرحمن بن عتاب، وحرقوص بن زهير بحيال عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فزحف طلحة لحكيم وهو في ثلاثمائة، فضرب رجل رجله فقطعها، فحبا حتى أخذها فرمى بها صاحبه، فصرعه وأتاه فقتله ثم اتكأ عليه، فأتى عليه رجل وهو رثيث رأسه على آخر، فقال: ما لك يا حكيم؟ قال: قتلت، قال: من قتلك؟ قال: وسادتي، فاحتمله وضمه في سبعين من أصحابه، وقيل: قتله رجل فقال له ضخيم وقتل معه ابنه الأشرف وأخوه الرعل بن جبلة، ولما قتل حكيم أرادوا قتل عثمان بن حنيف، فقال لهم: أما إن سهلا بالمدينة فإن قتلتموني انتصر، فخلوا سبيله، فقصد عليا. وقتل ذريح ومن معه، وأفلت حرقوص بن زهير في نفر من أصحابه، فلجئوا إلى قومهم، فنادى منادى طلحة والزبير: من كان فيهم أحد ممن غزا المدينة فليأتنا بهم، فجيء بهم فقتلوا ولم ينج منهم إلا حرقوص بن زهير، فإن عشيرته بني سعد منعوه، وكان منهم، فنالهم من ذلك أمر شديد، وكتبت عائشة إلى أهل الكوفة بما كان منهم وتأمرهم أن يثبطوا الناس عن علي وتحثهم على طلب قتلة عثمان، وكتبت إلى أهل اليمامة وإلى أهل المدينة بما كان منهم أيضا، وسيرت الكتب، وكانت هذه الوقعة لخمس ليال بقين من شهر ربيع الآخر سنة ست وثلاثين.
قال الشعبي: ما نهض في تلك الفتنة إلا ستة نفر بدريون ما لهم سابع، وقال سعيد بن زيد: ما اجتمع أربعة من أصحاب النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم لخير يعلمونه إلا وعليّ أحدهم، قيل: وقال أبو قتادة الأنصاري لعلي: يا أمير المؤمنين إن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم قلدني هذا السيف وقد أغمدته زمانا وقد حان تجريده على هؤلاء القوم الظالمين الذين لا يألون الأمة غشا وقد أحببت أن تقدمني فقدمني: وقالت أم مسلمة: يا أمير المؤمنين لولا أن أعصي اللَّه وأنك لا تقبله مني لخرجت معك، وهذا ابن عمي، وهو واللَّه أعز عليّ من نفسي، يخرج معك ويشهد مشاهدك، فخرج معه وهو لم يزل معه، واستعمله عليّ على البحرين، ثم عزله، واستعمله النعمان بن عجلان الزرقيّ، فلما أراد عليّ المسير إلى