للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غدا قتلت رجالهم وسبيت نساءهم، قال: ما مثلي يخاف هذا منه، وهل يحل هذا إلا لمن تولى وكفر، وهم قوم مسلمون؟ قال: اختر مني واحدة من اثنتين، إما أن أقاتل معك، وإما أن أكف عنك عشرة آلاف سيف، قال فكيف بما أعطيت أصحابك من الاعتزال؟ قال: إن من الوفاء للَّه قتالهم، قال: فاكفف عنا عشرة آلاف سيف:

فرجع إلى الناس فدعاهم إلى القعود ونادى: يا آل خندف! فأجابه ناس، ونادى: يا آل تميم! فأجابه ناس، ثم نادى: يا آل سعد! فلم يبق سعدي إلا أجابه، فاعتزل بهم ونظر ما يصنع الناس، فلما كان القتال وظفر علي دخلوا فيما دخل فيه الناس وافرين، فلما تراءى الجمعان خرج الزبير على فرس عليه سلاح،

فقيل لعلي: هذا الزبير، فقال: أما إنه أحرى الرجلين إن ذكر باللَّه- تعالى- أن يذكر.

وخرج طلحة فخرج إليهما عليّ حتى اختلفت أعناق دوابهم، فقال عليّ:

لعمري قد أعددتما سلاحا وخيلا ورجالا إن كنتما أعددتما عند اللَّه عذرا فاتقيا اللَّه ولا تكونا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً [ (١) ] ألم أكن أخاكما في دينكما تحرمان دمي وأحرم دمكما، فهل من حدث أحل لكما دمي؟ قال طلحة:

ألبت على عثمان، قال علي: يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ [ (٢) ] يا طلحة، تطلب بدم عثمان فلعن اللَّه قتلة عثمان! يا طلحة، أجئت بعرس رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، تقاتل بها وخبأت عرسك في البيت! أما بايعتني؟ قال: بايعتك والسيف على عنقي، فقال عليّ للزبير: يا زبير ما أخرجك؟ قال: أنت، ولا أراك لهذا الأمر أهلا ولا أولى به منا، فقال له عليّ: ألست له أهلا بعد عثمان؟ قد كنا نعدك من بني عبد المطلب حتى بلغ ابنك السوء ففرق بيننا، وذكره أشياء،

وافترق أهل البصرة ثلاث فرق: فرقة مع طلحة والزبير، وفرقة مع علي، وفرقة لا ترى القتال، منهم الأحنف وعمران بن حصين وغيرهما، وجاءت عائشة فنزلت في مسجد الحدان في الأزد، ورأس الأزد يومئذ صبرة بن شيمان، فقال له كعب بن سور: إن الجموع إذا تراءت لم


[ (١) ] النحل: ٩٢.
[ (٢) ] النور: ٢٥.