المدينة حتى أتينا خيبر. قال: وقد كانت أم عبد اللَّه بن عتيك بخيبر يهودية أرضعته، وقد بعثنا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم خمسة نفر: عبد اللَّه بن عتيك، وعبد اللَّه ابن أنيس، وأبو قتادة، والأسود بن خزاعيّ ومسعود بن سنان. قال: فانتهينا إلى خيبر، وبعث عبد اللَّه بن عتيك إلى أمه فأعلمها بمكانه، فخرجت إلينا بجراب مملوء تمرا كبيسا وخبزا، فأكلنا منه ثم قال لها: يا أماه إنا قد أمسينا، بيتينا عندك فادخلينا خيبر، فقالت أمه: وكيف تطيق خيبر وفيها أربعة آلاف مقاتل؟ ومن تريد فيها، قال: أبا رافع، قالت: لا تقدر عليه. قال: واللَّه لأقتلنه أو لأقتلن دونه قبل ذلك، فقالت: فادخلوا علي ليلا: فدخلوا عليها فلما ناما أهل خيبر، وقد قالت لهم: أدخلوا في خمر الناس، فإذا هدأت الرجل فأكمنوا! ففعلوا ودخلوا عليها، ثم قالت: إن اليهود لا تغلق عليها أبوابها فرقا أن يطرقها ضيف، فيصبح أحدهم بالفناء لم يضف فيجد الباب مفتوحا فيدخل فيتعشى، فلما هدأت الرجل قالت: انطلقوا حتى تستفتحوا على أبي رافع فقولوا:
إنا جئنا لأبي رافع بهداه فإنّهم سيفتحون لكم. ففعلوا ذلك، ثم خرجوا لا يمرون بباب من بيوت خيبر إلا أغلقوه، حتى أغلقوا بيوت القرية كلها، حتى انتهوا إلى عجلة عند قصر سلام، قال: فصعدنا، وقدمنا عبد اللَّه بن عتيك، لأنه كان يرطن باليهودية، ثم استفتحوا على أبي رافع فجاءت امرأته فقالت: ما شأنك؟ فقال: عبد اللَّه بن عتيك ورطن باليهودية: جئت أبا رافع بهداه ففتحت له، فلما رأت السلاح أرادت أن تصيح. قال عبد اللَّه بن أنيس: وازدحمنا على الباب أينا يبدر إليه، فلما أرادت أن تصيح. قال: فأشرت إليهما السيف قال:
وأنا أكره أن يسبقني أصحابي إليه. قال: فسكنت ساعة. قال: ثم قلت لها:
أين أبو رافع؟ وإلا ضربتك بالسيف! فقالت: هو ذاك في البيت فدخلنا عليه فما عرفناه إلا بياضة كأنه قطنة ملقاه فعلوناه بأسيافنا، فصاحت امرأته، فهمّ بعضنا أن يخرج إليها، ثم ذكرنا أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم نهانا عن قتل النساء، قال:
فلما انتهينا جعل سمك البيت يقصر علينا، وجعلت سيوفنا ترجع.
قال ابن أنيس: وكنت رجلا أعشى لا أبصر بالليل إلا بصرا ضعيفا، قال: فتأملته كأنه قمر، قال: فاتكئ بسيفي على بطنه حتى سمعت خشه في الفراش، وعرفت أنه قد قضى، قال: وجعل القوم يضربونه جميعا، ثم نزلنا