للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم يذكر منه في كتاب الجزية غير قوله: غزونا مع النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم تبوك، وأهدى ملك أيلة النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم بغلة بيضاء، وكساه بردا، وكتب له ببحرهم ولم يزد على ذلك [ (١) ] .

وخرّج مسلم من حديث سليمان بن بلال، عن عمرو بن يحيى، عن عباس بن سهل بن سعد الساعدي، عن أبي حميد قال: خرجنا مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم غزوة تبوك، فأتينا وادي القرى على حديقة لامرأة، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم:

اخرصوها فخرصناها، وخرصها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم عشرة أوسق، قال: أحصيها حتى نرجع إليك إن شاء اللَّه، وانطلقنا حتى أتينا تبوك، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم:

ستهب عليكم الليلة ريح شديدة، فقام رجل فحملته الريح حتى ألقته بجبل طيِّئ، وجاء رسول ابن العلماء صاحب أيلة إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بكتاب وأهدي له بغله بيضاء، فكتب إليه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وأهدى له بردا، ثم أقبلنا حتى قدمنا وادي القرى، فسأل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم المرأة عن حديقتها كم بلغ ثمرها؟ فقالت:

عشرة أوسق، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: إني مسرع فمن شاء منكم فليسرع معي ومن شاء فليمكث، فخرجا حتى أشرفنا على المدينة، فقال: هذه طابة، وهذا أحد، وهو جبل يحبنا ونحبه، ثم قال: إن خير دور الأنصار دار بني النجار، ثم دار بني عبد الأشهل، ثم دار بني عبد الحارث بن الخزرج، ثم دار بني ساعدة، وفي كل دور الأنصار خير، فلحقنا سعد بن عبادة فقال أبو أسيد: ألم تر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم خيّر دور الأنصار فجعلنا آخرا! فأدرك سعد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فقال يا رسول اللَّه: خيرت دور الأنصار فجعلتنا آخرا! فقال: أو ليس بحسبكم أن تكونوا من الخيار [ (٢) ] .


[ (١) ] راجع تعليق رقم (٣) في الصفحة السابقة.
[ (٢) ] (مسلم بشرح النووي) : ١٥/ ٤٧- ٤٨، كتاب الفضائل، باب (٣) في معجزات النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم حديث رقم (١١) . وفيه المعجزة الظاهرة من إخباره صلّى اللَّه عليه وسلّم بالمغيب، وخوف الضرر من القيام وقت الريح، وفيه ما كان عليه صلّى اللَّه عليه وسلّم من الشفقة على أمته والرحمة لهم، والاعتناء بمصالحهم، وتحذيرهم ما يضرهم في دين أو دنيا، وإنما أمر بشدّ عقل الجمال لئلا ينفلت منها شيء، فيحتاج صاحبه إلى القيام في طلبه فيلحقه ضرر الريح، وفيه قبول هدية الكافر.