للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ملوكنا فأخر عنه الرجم، فزنى بعده آخر في أسرة من الناس، فأراد ذلك الملك أن يرجمه، فقام قومه دونه فقالوا: لا واللَّه لا ترجمه حتى يرجم فلان ابن عمه فاصطلحوا بينهم على هذه العقوبة، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: فإنّي أحكم بما في التوراة، فأمر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بهما فرجما.

قال الزهري: وبلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم: إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا [ (١) ] .

ومن طريق يونس بن بكير عن إسحاق قال: حدثني الزهريّ، قال:

سمعت رجلا من مزينة يحدث عن سعيد بن المسيب، أن أبا هريرة حدثهم فذكر معنى هذا الحديث يزيد وينقص، فمما زاد أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم قال لابن صوريا: أنشدك باللَّه وأذكرك أيامه عند بني إسرائيل، هل تعلم أن اللَّه حكم فيمن زنا بعد إحصانه بالرجم في التوراة؟ فقال: اللَّهمّ نعم، أما واللَّه يا أبا القاسم إنهم يعرفون أنك نبي مرسل، ولكنهم يحسدونك.

فخرج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فأمر بهما فرجما عند باب مسجد بني غنم بن مالك ابن النجار، ثم كفر بعد ذلك ابن صوريا،

فأنزل اللَّه- تعالى-: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إلى قوله: سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ [ (٢) ] يعني الذين لم يأتوه، تغيبوا وتخلفوا وأمروهم بما أمروهم به من تحريف الكلم عن مواضعه، قال: يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ للتجبية وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا [ (٣) ] إلى آخر القصة [ (٤) ] .

قال كاتبه: قد وقعت هذه القصة من رواية البخاريّ، ومسلم، وأبي داود، والنسائيّ، واختلفوا في سياقها.


[ (١) ] المائدة: ٤٤.
[ (٢) ] المائدة: ٤١.
[ (٣) ] المائدة: ٤١.
[ (٤) ] (دلائل البيهقيّ) : ٦/ ٢٦٩- ٢٧١، باب رجوعهم إلى النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم في عقوبة الزاني، وما ظهر من ذلك من كتمانهم ما أنزل اللَّه- تعالى- في التوراة من حكمه، وصفة نبيه صلّى اللَّه عليه وسلّم.