للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد روى أن إيقاع الروم بالفرس كان يوم بدر، وروى أنه كان يوم الحديبيّة، وأن الخبر وصل يوم بيعة الرضوان، قاله عكرمة وقتادة.

قال ابن عطية: في كلا اليومين كان نصر من اللَّه- تعالى- للمؤمنين، وقد قيل: إن سبب فرح المؤمنين بغلبة الروم وهمهم أن يغلبوا، لأن الروم أهل الكتاب كالمسلمين، فهم أقرب من أهل الأوثان، وقيل: فرحوا لإنجاز اللَّه وعده، إذ فيه دليل على النبوة، ولأنه- تعالى- أخبر بما يكون في بضع سنين، فكان كذلك، وقيل، لأن الفطرة جبلت على محبة أن يغلب العدو الأصغر، لأنه أيسر مئونة، بخلاف العدو الأكبر إذا كان الغلب له فإن الخوف يكثر منه.

وقيل: فرحوا بنصر الرسول على المشركين يوم بدر، قال القرطبي:

ويحتمل أن يكون سرورهم بالجموع من ذلك فسروا بظهورهم على عدوهم، وبظهور الروم، وبإنجاز وعد اللَّه- تعالى-.

خرّج أبو عيسى الترمذي من حديث نصر بن عليّ الجهضميّ قال: حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن سليمان الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد قال: لما كان يوم بدر ظهرت الروم على فارس فأعجب ذلك المؤمنين، فنزلت الم* غُلِبَتِ الرُّومُ إلى قوله: يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ* بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ اللَّه قال: ففرح المؤمنون بظهور الروم على فارس [ (١) ] .

قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، هكذا قرأ نصر بن علي: غُلِبَتِ الرُّومُ [ (٢) ] .

وخرّج من حديث معاوية بن عمرو، عن أبي إسحاق الفزاري، عن سفيان الثوري، عن حبيب بن أبي عمرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- في قوله الم* غُلِبَتِ الرُّومُ* فِي أَدْنَى


[ () ] وقال أبو القاسم الراغب الأصفهاني: والبضع بالكسر المنقطع من العشرة، ويقال: ذلك لما بين الثلاث إلى العشرة، وقيل: بل هو فوق الخمس ودون العشرة، قال- تعالى-:
بِضْعِ سِنِينَ. (المفردات في غريب القرآن) : ٥٠.
[ (١) ] سنن الترمذي: ٥/ ٣٢٠، كتاب تفسير القرآن، باب (٣١) ومن سورة الروم، حديث رقم (٣١٩٢) .
[ (٢) ] راجع التعليق السابق.