للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوليد، كان أشد الناس عداوة لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم وأذى، فعمد إلى مكتل فحول فيه عذرة، ثم ألقاه على باب النبي صلّى اللَّه عليه وسلم ونصرته طليب بن عمير بن وهب بن قصيّ بن كلاب، وأمه أروى بنت عبد المطلب فأخذ المكتل نفسه وضرب به رأسه، وأخذ باديته وتشبث به. ويروي: وتشبث به عقبة وذهب به إلى أمه أروي، فقال لها: ألا ترين إلى ابنك قد صار عرضا دون محمد، فقالت:

ومن أولي منه بذلك؟ ابن خاله، أموالنا وأنفسنا دون محمد، وجعلت تقول:

إن طليبا نصر ابن خاله وآساه في ذي دمه وماله، وجاء بسلا جزور فقذفه على ظهر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم وهو ساجد عند الكعبة، حتى جاءت فاطمة فأخذته عن ظهره صلّى اللَّه عليه وسلم.

فلما كان يوم بدر أسر عقبة عبد اللَّه بن سلمة بن مالك العجلاني فأمر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح فضرب عنقه كما تقدم ذكره.

الأسود بن المطلب [ (١) ] بن أسد بن عبد العزى أبو زمعة زاد الراكب، كان من المستهزءين، وكان وأصحابه يتغامزون بالنبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم وأصحابه ويقولون: قد جاءكم ملوك الأرض ومن يغلب على كنوز كسرى وقيصر، ثم يحكون، ويصفرون، ويصفقون وكلم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم بكلام شق عليه، فدعا عليه أن يعمي اللَّه بصره، ويثكله ولده. فخرج يستقبل ابنه وقد قدم من الشام فلما كان في بعض طريقه فجلس في ظل شجرة فجعل جبرائيل عليه السلام يضرب وجهه وعينيه بورقة من ورقها، وبشوكها حتى عمي، وقيل: أومأ إلى عينيه فعمي فشغله عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، وقتل ابنه معه ببدر كافرا، قتله أبو دجانة وقتل ابن ابنه عتيب، قتله حمزة وعليّ اشتركا في قتله، وقتل ابن ابنه الحارث بن زمعة بن الأسود، قتله عليّ، وقيل: هو الحارث بن الأسود، والأول أصحّ، وهو القائل:

أتبكي أن يضل لها بعير ... ويمنعها من النوم السهود

وقال الواقدي: ومات الأسود بمكة وهم يتجهزون لأحد، وكان الأسود يجلس معه قوم من المشركين فيقولون: ما نرى ما جاء به محمد! ما هو إلا سجع كسجع الكهان، فنزلت فيهم: الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ [ (٢) ] وقيل: نزلت في أهل الكتاب وكانوا إذا سئلوا عن النبي صلّى اللَّه عليه وسلم يقول بعضهم: ساحر، ويقول


[ (١) ] (الكامل في التاريخ) : ٢/ ٧٤- ٧٥، باختلاف يسير في اللفظ.
[ (٢) ] الحجر: ٩١.