للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأصفر-: ائذن لي ولا تفتني ببنات الأصفر، وقال [ (١) ] رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم لبني سلمة: من سيدكم يا بني سلمة؟ قالوا: الجدين ابن قيس إلا أن فيه بخلا، قال: وأي داء أدوى من البخل بل سيدكم بشر بن البراء بن معرور.

وذكر الواقدي بإسناده من طريق أسيد بن أبي أسيد عن أبي قتادة الأنصاري- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قال: لما نزلنا علي الحديبيّة، والماء قليل، سمعت الجد بن قيس يقول: ما كان خروجنا إلي هؤلاء القوم بشيء؟

أنموت من العش من آخرنا؟ فقلت: لا تقل هذا. يا أبا عبد اللَّه، فلم خرجت؟

قال: خرجت مع قومي، قلت: فلم تخرج معتمرا؟ قال: لا واللَّه، ما أحرمت؟ قال أبو قتادة ولا نويت العمرة؟ قال: لا! فلما دعا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم الرجل فنزل بالسهم، وتوضأ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم في الدلو ومج فاه فيه، ثم رده في البئر، فجاشت البئر بالرواء. قال أبو قتادة: فرأيت الجد مادا رجليه على شفير البئر في الماء، فقلت أبا عبد اللَّه: أين ما قلت؟ قال: إنما كنت أمزح معك، لا تذكر لمحمد مما قلت شيئا. قال أبو قتادة: وقد كنت ذكرته قبل ذلك لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، قال: فغضب الجد وقال: بقينا مع صبيان من قومنا لا يعرفون لنا شرفا ولا سنا، لبطن الأرض اليوم خير من ظهرها! قال أبو قتادة: وقد كنت ذكرت قوله صلّى اللَّه عليه وسلم،

فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: ابنه خير منه.

قال أبو قتادة: فلقيني نفر من قومي فجعلوا يؤنبونني ويلومونني حين رفعت مقالته إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، فقلت لهم: بئس القوم أنتم! ويحكم» عن الجد بن قيس تذبون؟ قالوا:

نعم، كبيرنا وسيدنا. فقلت: قد واللَّه طرح رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم سؤدده عن بني سلمة، وسوّد علينا بشر بن البراء بن معرور، وهدمنا المنامات التي كانت على باب الجد، وبنيناها على باب بشر بن البراء، فهو سيدنا إلى يوم القيامة.


[ () ] (طبقات ابن سعد) : ٣/ ٥٧١، (الإصابة) : ١/ ٤٦٨، ترجمة رقم (١١١٢) .
ويقال: إنه مات في خلافة عثمان، وفي حديث الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: بايعنا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم يوم الحديبيّة على ألا نفر كلنا إلا الجد بن قيس اختبأ تحت بطن ناقته. وفي حديث أبي قتادة عنه ما هو أسمج من هذا. وقد قيل: إنه تاب، فحسنت توبته. واللَّه أعلم (الاستيعاب) : ١/ ٢٦٦- ٢٦٨، ترجمة رقم (٢٤٧) .
[ (١) ] (المستدرك) : ٣/ ٢٤٢، كتاب معرفة الصحابة، حديث رقم (٤٩٦٥٠) . وقال الحافظ الذهبي في (التلخيص) : على شرط مسلم.