للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن إسحاق: فزعموا أنه تاب فحسنت توبته حتى عرف منه الإسلام والخير، والحارث [ (١) ] بن سويد أخوه يقال: هو الّذي قتل المجذر بن زياد، فقتله رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم به. فإن الجلاس كان ممن تخلف عن غزاة تبوك، والقول الأول قول الكلبي، وكان أخوه خلاد [ (٢) ] بن سويد من فضلاء المسلمين، وعمرو بن


[ () ] ابن مالك، عن أبيه، عن جده قال: لما قدم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أخذني قومي فقالوا: إنك امرؤ شاعر فإن شئت أن تعتذر إلي رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم ببعض العلة ثم يكون ذنبا تستغفر اللَّه منه، وذكر الحديث بطوله إلى أن قال: وكان ممن تخلف من المنافقين، ونزل فيه القرآن، منهم ممن كان مع النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم الجلاس بن سويد بن الصامت، وكان على أمّ عمير بن سعد وكان عمير في حجره فلما نزل القرآن وذكرهم اللَّه بما ذكر مما أنزل في المنافقين قال الجلاس: واللَّه لئن كان هذا الرجل صادقا فيما يقول لنحن شر من الحمير فسمعها عمير بن سعد فقال: واللَّه باجلاس إنك لأحب الناس إلي، وأحسنهم عندي بلاء، وأعزهم علي أن يصله شيء يكرهه، ولقد قلت مقالة لأن ذكرتها لتفضحني ولئن كتمتها لتهلكنى ولإحداهما أهون علي من الأخرى، فمشى إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فذكر له ما قال الجلاس فلما بلغ ذلك الجلاس خرج حتى أتي النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم فحلف باللَّه ما قال عمير بن سعد ولقد كذب علي فأنزل اللَّه عز وجل فيه: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ إلى آخر الآية فوقفه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم عليها فزعموا أن الجلاس تاب فحسنت توبته ونزع فأحسن النزوع. هكذا جاء هذا مدرجا في الحديث متصلا به وكأنه- واللَّه أعلم- من كلام ابن إسحاق نفسه لا من كلام كعب بن مالك. (تفسير ابن كثير) : ٢/ ٣٨٥- ٣٨٦، سورة التوبة.
[ (١) ] الحارث بن سويد: ويقال: ابن مسلمة المخزومي. ارتد على عهد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، ولحق بالكفار، فنزلت هذه الآية كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ إلى قوله تعالى: إِلَّا الَّذِينَ تابُوا فحمل رجل هذه الآيات فقرأهن عليه. فقال الحارث: واللَّه ما علمتك إلا صدوقا، وإن اللَّه لأصدق الصادقين. فرجع وأسلم وحسن إسلامه. روى عنه مجاهد، وحديثه هذا عند جعفر بن سليمان، عن حميد الأعرج، عن مجاهد.
(الاستيعاب) : ١/ ٣٠٠ ترجمة رقم (٤٣٦) .
(الإصابة) : ١/ ٥٧٦- ٥٧٧، ترجمة رقم (١٤٢٥) .
[ (٢) ]
خلاد بن سويد بن ثعلبة بن عمرو بن حارثة بن امرئ القيس بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج الأكبر، شهد العقبة، وشهد بدرا وأحدا والخندق، وقتل يوم قريظة شهيدا. طرحت عليه الرحى من أطم من آطامها، فشدخت رأسه ومات، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم فيما يذكرون: إن له أجر شهيد،
ويقولون: إن التي طرحت عليه الرحى بنانة، امرأة من بني قريظة، ثم قتلها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم مع بني قريظة، إذ قتل من أنبت منهم، ولم يقتل امرأة غيرها.