للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقال: إن حمد بن قيس أو جدّ بن قيس القائل ذلك فأنزل اللَّه تعالي:

وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً [ (١) ] .

قال ابن هشام: مصعب بن قشير وثعلبة والحارث ابنا حاطب من أهل بدر ليسوا من المنافقين فيما ذكر لي من أثق به من أهل العلم [ (٢) ] . وقد نسب ابن إسحاق ثعلبة والحارث بن أمية بن زيد في أسماء أهل بدر [ (٣) ] .

ورافع بن زيد، وفيه وفي معتب ونفر من أصحابهما نزلت: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ [ (٤) ] ، وكان خصماؤهم دعوهم في خصومتهم إلي النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم فأبوا ذلك وقالوا: نتحاكم إلى كعب بن الأشرف، فسماه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم طاغوتا [ (٥) ] ، ويقال: إنهم دعوهم إلى الكاهن.


[ (١) ] الأحزاب: ١٢.
[ (٢) ] (سيرة ابن هشام) : ٤/ ١٨٠، لم يكن معتب منافقا.
[ (٣) ] (المرجع السابق) : ٣/ ٢٤٣.
[ (٤) ] النساء: ٦٠.
[ (٥) ] قال ابن هشام: وكان جلاس بن سويد بن صامت قبل توبته، ومعتب بن قشير، ورافع بن زيد، وبشر، وكانوا يدعون بالإسلام، فدعاهم رجال من المسلمين في خصومة كانت بينهم إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، فدعوهم إلى اكهان، حكام أهل الجاهلية، فأنزل اللَّه- عزّ وجلّ- فيهم: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيداً. (سيرة ابن هشام) : ٣/ ٥٩.
وقال أبو حيان الأندلسيّ: ذكر في سبب نزولها قصص طويل، ملخصه: أن أبا بردة الأسلمي كان كاهنا يقضى بين اليهود، فتنافر إليه نفر من أسلم. أو أن قيسا الأنصاريّ أحد من يدعى الإسلام، ورجلا من اليهود تداعيا إلى الكاهن وتركا الرسول صلّى اللَّه عليه وسلّم بعد ما دعا اليهوديّ إلى الرسول، والأنصاريّ يأبى إلا الكاهن.
أو أن منافقا ويهوديا اختصما، فاختار اليهوديّ الرسول صلّى اللَّه عليه وسلّم، واختار المنافق كعب بن الأشرف، فأبي اليهوديّ، وتحاكما إلى الرسول صلّى اللَّه عليه وسلّم، فقضى لليهوديّ، فخرجا ولزمه النفاق، وقال: ننطلق إلى عمر، فانطلقا إليه فقال اليهوديّ: قد تحاكما إلى الرسول فلم يرض بقضائه، فأقر المنافق بذلك عند عمر، فقتله عمر وقال: هكذا أقضى فيمن لم يرض بقضاء اللَّه وقضاء رسوله. (البحر المحيط) : ٣/ ٦٨٨.