للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنفة لقومه، وجعل يقول: قاتلوا معشر الأوس عن أحسابكم، فالموت خير من العار والفرار!

وكان النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم يقول: قزمان في النار، فأثبت يوم أحد، فحمل إلى دار بين ظفر، فقيل له: أبشر أبا الفيراق بالجنة! فقد أبليت اليوم وأصابك ما ترى، فقال: أي جنة؟ واللَّه ما قاتلت إلا حمية لقومي، فلما اشتدّ به الوجع أخرج سهما من كنانته فقطع به رواهش يده فقتل نفسه، وفيه يقول صلّى اللَّه عليه وسلّم: إن اللَّه ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر [ (١) ] .

وأبو عامر [عبد] [ (٢) ] عمرو بن صيفي [بن مالك] [ (٢) ] بن نعمان بن ضبيعة بن زيد [ (٣) ] وقيل: هو أبو عامر عمر بن صيفي بن زيد بن أمية بن ضبيعة بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف من الأوس. وقال مكي: أصله من الروم، كان يناظر أهل الكتاب، ويميل إلى النصرانية، ويتبع الرهبانية ويألفهم، ويكثر الشخوص إلى الشام، فسمي الراهب، فلما ظهر أمر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم حسده، ففرّ إلى مكة وقاتل مع قريش يوم أحد، فسماه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أبا عامر الفاسق، فلما فتحت مكة لحق بهرقل هاربا إلى الروم بالشام، فمات هناك فتخاصم في ميراثه كنانة بن عبد ياليل الثقفيّ، وكان ممن حسد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فشخص إلى الشام.


[ (١) ] رواه البخاري في الجهاد، باب إن اللَّه ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر، وفي المغازي، باب غزوة خيبر، وفي القدر، باب العمل بالخواتيم، ورواه مسلم في الإيمان، باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه، حديث رقم (١١١) راجع (جامع الأصول) : ١٠/ ١٩ وما بعدها، حديث رقم (٧٧٣٨) .
[ (٢) ] زيادة للنسب من (ابن هشام) .
[ (٣) ] قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة: أن أبا عامر عبد عمرو بن صيفي بن مالك بن النعمان، أحد بني ضبيعة، وقد كان خرج حين خرج إلى مكة مباعدا لرسول اللَّه. معه خمسون غلاما من الأوس، وبعض الناس كان يقول: كانوا خمسة عشر رجلا، وكان يعد قريشا أن لو قد لقي قومه لم يختلف عليه منهم رجلان. فلما التقى الناس كان أول من لقيهم أبو عامر في الأحابيش عبدان أهل مكة، فنادى: يا معشر الأوس! أنا أبو عامر، قالوا: فلا أنعم اللَّه بك عينا يا فاسق.
وكان أبو عامر يسمى في الجاهلية: الراهب، فسماه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: الفاسق، فلما سمع ردهم عليه قال:
أصاب قومي بعدي شرّ، ثم قاتلهم قتالا شديدا، ثم راضحهم [راماهم] بالحجارة. (سرة ابن هشام) :
٤/ ١٣- ١٤، أبو عامر الفاسق.