للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما بين تيماء [ (١) ] إلي فدك، ولهم بها نخل كثير وزرع فسأل بنو إسرائيل وواقعوا لهم وتركوا منهم ابن ملك لهم كان غلاما حسنا فرقوا له ثم رجعوا إلي الشام، وقد مات موسى عليه السلام فقالت بنو إسرائيل لهم: قد عصيتم وخالفتم الآباء فقالوا نرجع إلي البلاد التي غلبنا عليها فنكون بها، فرجعوا إلي يثرب فاستوطنوها وتناسلوا بها، إلي أن نزلت عليهم الأوس والخزرج بعد سيل العرم كما تقدم ذكره عند ذكر الأنصار.

ويقال: بل كان نزولهم أولا من نواحي العالية [ (٢) ] ، وانحدر بها الآطام والأموال والمزارع، فلبثوا في نواحيه زمانا طويلا حتى ظهرت الروم على بني إسرائيل وخرج بنو قريظة، والنضير، وبنو هذيل من يثرب ونزلوا الغابة [ (٣) ] ثم تحولوا عنها لوبائها إلى عدة مواضع من نواحي يثرب والحدم [ (٤) ] .

ويقال: بل كان نزول اليهود بيثرب حين وطئ بخت نصّر بلادهم بالشام وخرب بيت المقدس، فحينئذ لحق من لحق منهم بالحجاز، كقريظة، والنضير، وسكنوا خيبر، ويثرب، حتى قدمت الأوس والخزرج عليهم، وكانت لهم معهم حروب ظهرت عليهم اليهود كما مر ذكره، فلما هاجر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم حاربته


[ () ] قال الكلبي: إن العماليق أخرجوا بنى عقيل، وهم إخوة عاد بن ربّ، فنزلوا الجحفة، وكان اسمها يومئذ مهيعة، فجاءهم سيل واجتحفهم، فسميت الجحفة.
ولما قدم النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم المدينة استوبأها وحمّ أصحابه، فقال اللَّهمّ حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة أو أشدّ، وصحّحها، وبارك لنا في صاعها ومدها، وانقل حمّاها إلي الجحفة.
وروي أن النبي (ص) ، نعس ليلة في بعض أسفاره، إذ استيقظ، فأيقظ أصحابه وقال: مرّت بي الحمى في صورة امرأة ثائرة الرأس- منطلقة إلى الجحفة. (معجم البلدان) : ٢/ ١٢٩، موضع رقم (٢٩٥٥) .
[ (١) ] تيماء- بالفتح والمد- بليد في أطراف الشام، بين الشام ووادي القرى- على طريق حاج الشام ودمشق، وهي من أمهات القرى على سبع ليال من المدينة المكرمة (معجم البلدان) : ٢/ ٧٨ موضع رقم (٢٧٣٦) .
[ (٢) ] العالية: اسم لكل ما كان من جهة نجد من المدينة من قراها وعمائرها إلى تهامة في العالية. قال أبو منصور: عالية الحجاز أعلاها بلدا وأشرفها موضعا، وهي بلاد واسعة، ومن حديث عائشة (ر) : أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم مات وأبو بكر بالسنح- قال إسماعيل يعنى بالعالية ذكره البخاري في كتاب فضائل أصحاب النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم.
[ (٣) ] الغابة: موضع قرب المدينة من ناحية الشام، فيه أموال لأهل المدينة. قال الواقدي الغابة بريد من المدينة على طريق الشام، وصنع منبر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم من طرفاء الغابة، وروى محمد بن الضحاك عن أبيه قال: كان العباس بن عبد المطلب يقف على سلع جبل فينادي غلمانه وهم بالغابة فيسمعهم، وذاك من آخر الليل وبين سلع والغابة ثمانية أميال (المرجع السابق) : ٢٠٦، موضع رقم (٨٧٢٩) مختصرا.
[ (٤) ] الحدم في الأصل: شدة إحماء حر الشمس للشيء، وهو اسم موضع. (معجم البلدان) : ٢/ ٢٦٤، موضع رقم (٣٥٥٢) .