قوله: «كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر» أي من شهد بدرا من المهاجرين والأنصار، وكانت عادة عمر إذا جلس للناس أن يدخلوا عليه على قدر منازلهم في السابقة، وكان ربما أدخل مع أهل المدينة من ليس منهم إذا كان فيه مزية تجبر ما فاته من ذلك. قوله: «فكأن بعضهم وجد» أي غضب. ولفظ «وجد» الماضي يستعمل بالاشتراك بمعنى الغضب والحب والغنى واللقاء، سواء كان الّذي يلقى ضالة أو مطلوبا أو إنسانا أو غير ذلك. قوله: «لم تدخل هذا معا، ولنا أبناء مثله» ؟ ولابن سعد من طريق عبد الملك بن أبي سليمان عن سعيد بن جبير «كان أناس من المهاجرين وجدوا على عمر في إدنائه ابن عباس» وفي تاريخ محمد بن عثمان بن أبي شيبة من طريق عاصم بن كليب عن أبيه نحوه وزاد «كان عمر أمره أن لا يتكلم حتى يتكلموا، فسألهم عن شيء فلم يجيبوا. وأجابه ابن عباس، فقال عمر: أعجزتم أن تكونوا مثل هذا الغلام؟ ثم قال: إني كنت نهيتك أن تتكلم، فتكلم الآن معهم «وو هذا القائل الّذي عبر هنا بقوله: «بعضهم» هو عبد الرحمن بن عوف الزهري أحد العشرة كما وقع مصرحا به عند المصنف في علامات النبوة من طريق شعبة عن أبي شعبة عن أبي بشر بهذا الإسناد كان عمر يدني ابن عباس، فقال له عبد الرحمن بن عوف: إن لنا أبناء مثله، وأراد بقوله: «مثله» أي في مثل سنه، لا في مثل فضله وقرابته من النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم ولكن لا أعرف لعبد الرحمن بن عوف ولدا في مثل سن ابن عباس، فإن أكبر أولاده محمد وبه كان يكنى، لكنه مات صغيرا وأدرك عمر من أولاده إبراهيم بن عبد الرحمن، ويقال: إنه ولد في عهد النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم إن كان كذلك لم يدرك من الحياة النبويّة إلا سنة أو سنتين. لأن أباه تزوج أمه بعد فتح مكة فهو أصغر من ابن عباس بأكثر من عشر سنين، فلعله أراد بالمثلية غير السن، أو أراد بقوله: «لنا» من كان له ولد في مثل سن ابن عباس من البدريين إذ ذلك غير المتكلم. قوله: «فقال: إنه من حيث علمتم» . في غزوة الفتح من هذا الوجه بلفظ إنه أنتم علمتم «وفي رواية شعبه» إنه من حيث نعلم» وأشار بذلك إلى قرابته من النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم أو إلى معرفته وفطنته. وقد روى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال: قال المهاجرون العمر: ألا تدعو أبناءنا كما تدعو ابن عباس؟ قال: ذلكم فتى الكهول، إن له لسانا سئولا وقلبا عقولا. وأخرج الخرائطي في (مكارم الأخلاق) من طريق الشعبي، والزبير بن بكار من طريق عطاء بن يسار قالا: قال العباس لابنه: إن هذا الرجل يعني عمر- يدنيك، فلا تفشين له سرا، ولا تغتابن عنده أحدا، ولا يسمع منك كذبا. وفي رواية عطاء بدل الثالثة: «ولا تبتدئه بشيء حتى يسألك عنه» . قوله: «فدعا ذات يوم فأدخله معهم» في رواية للكشميهني «فدعاه» ، وفي غزوة الفتح: «فدعاهم ذات يوم ودعاني معهم» . قوله: «فما رئيت» بضم الراء وكسر الهمزة، وفي غزوة الفتح من رواية المستملي: «فما أريته» بتقديم الهمزة والمعني واحد.