للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب


[ () ] الكتاب، ويحيى هو ابن سعيد الأنصاري، وهو الّذي لا يثبت هذا الحديث إلا من طريقه.
قوله: «حدثني إسحاق بن يزيد الدمشقيّ» هو إسحاق بن إبراهيم بن يزيد الفراديسي الدمشقيّ أبو النضر، نسبة هنا إلى جده، وكذلك في الزكاة وفي الجهاد، وجزم بأنه الفراديسى الكلاباذي وآخرون، وتفرد الباجي فأفرده بترجمة ونسبه خراسانيا، ولم يعرف من حاله على شيء، وقول الجماعة أولى.
قوله: «عن عبدة بن أبي لبابة» بضم اللام والموحدتين الأولى خفيفة الأسدي كوفي نزل دمشق وكنيته أبو القاسم، ولا يعرف اسم أبيه. قال الأوزاعي: لم يقدم علينا من العراق أفضل منه.
قوله: «إن عبد اللَّه بن عمر كان يقول لا هجرة بعد الفتح» هذا موقوف، وسيأتي شرحه في الّذي بعده.
قوله: «كان المؤمنون يفر أحدهم بدينه إلخ» أشارت عائشة إلى بيان مشروعية الهجرة وأن سببها خوف الفتنة، والحكم يدور مع علته، فمقتضاه أن من قدر على عبادة اللَّه في أي موضع اتفق لم تجب عليه الهجرة منه وإلا وجبت، ومن ثم قال الماوردي: إذا قدر على إظهار الدين في بلد من بلاد الكفر فقد صارت البلد به دار الإسلام، فالإقامة فيها أفضل من الرحلة مما يترجى من دخول غيره في الإسلام، وتقدمت الإشارة إلى ذلك في أوائل الجهاد في «باب وجوب النفير» في الجمع بين حديث ابن عباس «لا هجرة بعد الفتح» وحديث عبد اللَّه بن السعدي «لا تنقطع الهجرة» .
وقال الخطابي: كانت الهجرة أي إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلّم في أول الإسلام مطلوبة، ثم افترضت لما هاجر إلي المدينة إلى حضرته للقتال معه وتعلم شرائع الدين، وقد أكد اللَّه ذلك في عدة آيات حتى قطع الموالاة بين من هاجر ومن لم يهاجر فقال وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا فلما فتحت مكة ودخل الناس في الإسلام من جميع القبائل سقطت الهجرة الواجبة وبقي الاستحباب. وقال البغوي في (شرح السنة) » : يحتمل الجمع بينهما بطريق أخرى بقوله: «لا هجرة بعد الفتح» أي من مكة إلى المدينة، وقوله: «لا تنقطع» أي من دار الكفر فذلك حق من أسلم إلي دار الإسلام، قال: ويحتمل وجها آخر وهو أن قوله: لا هجرة أي إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلّم حيث كان بنية عدم الرجوع إلى الوطن المهاجر منه إلا بإذن، وقوله: «لا تنقطع» أي هجرة من هاجر على غير هذا الوصف من الأعراب ونحوهم. قلت: الّذي يظهر أن المراد بالشق الأول وهو المنفي ما ذكره في الاحتمال الأخير، وبالشق الآخر المثبت ما ذكره في الاحتمال الّذي قبله، وقد أفصح ابن عمر بالمراد فيما أخرجه الإسماعيلي بلفظ «انقطعت الهجرة بعد الفتح إلي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم ولا تنقطع الهجرة ما قوتل الكفار» أي ما دام في الدنيا دار كفر، فالهجرة واجبة منها على من أسلم وخشي أن يفتن عن دينه، ومفهومه أنه لو قدر أن يبقى في الدنيا دار كفر أن الهجرة تنقطع لانقطاع موجبها واللَّه أعلم. وأطلق ابن التين أن الهجرة من مكة إلي المدينة كانت واجبة وأن من أقام بمكة بعد هجرة النبي صلى اللَّه عليه وسلّم إلي المدينة بغير عذر كان كافرا، وهو إطلاق مردود، واللَّه أعلم. قوله: «فمكث بمكة ثلاث عشرة» هذا أصح مما أخرجه أحمد عن يحيى بن سعيد عن هشام بن حسان بهذا الإسناد قال: «أنزل علي النبي صلى اللَّه عليه وسلّم وهو ابن ثلاث وأربعين، فمكث بمكة عشرة» وأصح مما أخرجه.