للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البكري حدثنا أبو الحور بن عبد اللَّه قال: قحط أهل المدينة قحطا شديدا فشكوا إلى عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها-، فقالت: انظروا قبر النبي صلى اللَّه عليه وسلم فاجعلوا منه كوة إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف قال:

ففعلوا فمطرنا مطرا حتى نبت العشب، وسمنت الإبل، حتى تفتقت من الشحم، فسمي عام الفتق.

وقد روي من طريق، محمد بن حرب الهلالي قال: دخلت المدينة فأتيت قبر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم [فزرته، وجلست بحذائه] [ (١) ] فجاء أعرابي فزاره ثم قال:

يا خير المرسلين إن اللَّه عز وجلّ أنزل عليك كتابا صادقا، قال فيه: وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً [ (٢) ] .

وإني جئتك مستغفرا إلى ربي من ذنوبي مستشفعا بك، ثم بكى وأنشأ يقول:

يا خير من دفنت بالقاع أعظمه [ (٣) ] * فطاب من طيبهنّ القاع والأكم نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه* فيه العفاف وفيه الجود والكرم ثم استغفر وانصرف. قال: فرقدت فرأيت النبي صلى اللَّه عليه وسلم وهو يقول: إن اللَّه عز وجل قد غفر له لشفاعتي.

وخرج أبو نعيم من طريق محمد بن سليمان حدثنا عبد الحميد بن سليمان عن سعيد بن المسيب قال: لقد رزيتني ليالي الحرة وما في مسجد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم غيري، وقال: لا يأتي وقت صلاة إلا سمعت الأذان من القبر، ثم أتقدم فأقيم وأصلى، وإن أهل الشام ليدخلون المسجد فيقولون: انظروا إلى هذا الشيخ المجنون.

قال أبو محمد الدرامي: وأخبرنا مروان بن محمد عن سعيد بن عبد العزيز، قال: لما كان أيام الحرة لم يؤذن في مسجد النبي صلى اللَّه عليه وسلم بالمدينة، ولم يقم، ولم يبرح سعيد بن المسيب من المسجد وكان لا يعرف وقت الصلاة إلا بهمهمة


[ (١) ] زيادة للسياق من (المواهب اللدنية) .
[ (٢) ] النساء: ٦٤.
[ (٣) ] في بعض النسخ: «بالترب أعظمه» .