وكان في سفر فنزل إلى الصلاة ثم كر راجعا، فقيل: يا رسول اللَّه، أين تريد؟ قال: أعقل ناقتي فقالوا: نحن نعقلها. قال: لا يستعين أحدكم بالناس في قضمة من سواك.
وكان لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر. وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث انتهى به المجلس، ويأمر بذلك ويعطي كل جلسائه نصيبه. لا يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه منه، وإذا جلس إليه أحدهم لم يقم صلّى اللَّه عليه وسلّم حتى يقوم الّذي جلس إليه، إلا أن يستعجله أمر فيستأذنه، ولا يقابل أحدا بما يكره، ولا يجزي السيئة بمثلها.
بل يعفو ويصفح. وكان يعود المرضى ويحب المساكين ويجالسهم. ويشهد جنائزهم. ولا يحقر فقيرا لفقره، ولا يهاب ملكا لملكه، ويعظم النعمة وإن قلت.
ولا يذم منها شيئا: وما عاب طعاما قط، إن اشتهاه أكله وإلا تركه.
وكان يحفظ جاره ويكرم ضيفه، وكان أكثر الناس تبسما، وأحسنهم بشرا، ولا يمضي له وقت في غير عمل اللَّه، أو فيما لا بد منه، وما خيّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما، إلا أن يكون إثما أو قطيعة رحم فيكون أبعد الناس منه.
وكان يخصف نعله، ويرقع ثوبه، ويخدم في مهنة أهله، ويقطع اللحم معهن، ويركب الفرس والبغل والحمار، ويردف خلفه عبده أو غيره من الناس، ويمسح وجه فرسه بطرف ردائه.
وكان يحب الفأل ويكره الطيرة،
وإذا جاءه ما يحب قال: الحمد للَّه رب العالمين، وإذا جاء ما يكره قال: الحمد للَّه على كل حال، وإذا رفع الطعام من بين يديه قال: الحمد للَّه الّذي أطعمنا وسقانا وآوانا وجعلنا مسلمين.
وكان أكثر جلوسه وهو مستقبل القبلة، ويكثر ذكر اللَّه تعالى، ويطيل الصلاة ويقصر الخطبة، ويستغفر في المجلس الواحد مائة مرة، وكان يسمع لصدره وهو في الصلاة أزيز كأزيز المرجل من البكاء، وكان يقوم الليل في الصلاة حتى ورمت قدماه.
وكان يصوم الاثنين والخميس، وثلاثة أيام من كل شهر، وعاشوراء. وقلما كان يفطر يوم الجمعة، وكان أكثر صيامه في شعبان، وكان يصوم حتى يقال: