[٦٣] وفيه أن أهل الحديث لا يستغنون عن معرفة النقلة والرواة ومقدارهم في كثرة العلم والرواية، ففي تحفظ طرق الأخبار، ومعرفة من رواها، ومعرفة كم روي كل راو منهم ما يعلم به مقادير الرواة ومراتبهم في كثرة الرواية. [٦٤] وفيه أنهم إذا استقصوا في معرفة طرق الخبر عرفوا به غلط الغالط، وميزوا به كذب الكاذب، وتدليس المدلّس. [٦٥] وإذا لم يستقص المرء في طرقه واقتصر على طريق واحد كان أقل ما يلزمه إن دلّس عليه في الرواية أن يقول: لعله قد روي ولم أستقص فيه، فرجع باللائمة والتقصير على نفسه والانقطاع وقد حلّ لخصمه. [٦٦] إن مثل هذا الحديث فيه تثبيت الامتحان، والتمييز بيننا وبين أمثالهم، إذ لم يهتدوا إلى شيء من تخريج فقهه، ويستخرج أحدنا منه- بعون اللَّه وتوفيقه- كلّ هذه الوجوه، وفي ذلك وجهان: أحدهما: اجتهاد المستخرج في استنباطه، والثاني: تبيين فضيلته في الفقه والتخريج على أغياره. والعين المستنبط منها عين واحدة، ولكن من عجائب قدرة اللطيف في تدبير صنعه: أن تسقى بماء واحد ويفضل بعضها على بعض في الأكل. (جزء فيه فوائد حديث أبي عمير) : ص ١٩- ٣٥.