للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يصدنكم، قال: ومنا رجال يخطون، قال: كان نبي من الأنبياء يخط، فمن وافق خطه فذاك، قال: وكانت لي جارية ترعى غنما قبل أحد والجوانية، فاطلعت ذات يوم فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنمها وأنا رجل من بني آدم، آسف كما يأسفون، لكني صككتها صكّة، فأتيت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فعظم ذلك عليّ، فقلت: يا رسول اللَّه، أفلا أعتقها؟ قال: ائتني بها، فأتيته بها: فقال لها أين اللَّه؟ قالت: في السماء، قال: من أنا؟ قالت: رسول اللَّه، قال أعتقها فإنّها مؤمنة. وخرّجه أبو داود قريبا منه، ذكره في باب تشميت العاطس [في الصلاة] وفيه، قلت: يا رسول اللَّه، إنا حديث عهد بجاهلية وقد جاءنا اللَّه بالإسلام، ومنا رجال يأتون الكهان، قال: فلا تأتونهم. وقال: فلا يصدنهم، وقال فيه، قلت: جارية لي كانت ترعي غنيمات قبل أحد والجوانية، إذا طلعت عليها إطلاعة ... الحديث [ (١) ] .


[ (١) ] وفي هذا الحديث من الفقه أن الكلام ناسيا في الصلاة لا يفسد الصلاة وذلك أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم علّمه أحكام الصلاة وتحريم الكلام فيها ثم لم يأمره بإعادة الصلاة التي صلاها معه وقد كان تكلم بما تكلم به، ولا فرق بين من تكلم جاهلا بتحريم الكلام عليه وبين من تكلم ناسيا لصلاته في أنّ كل واحد منهما قد تكلم، والكلام مباح له عند نفسه.
وقد اختلف العلماء في هذه المسألة، فمن قال يبني على صلاته إذا تكلم ناسيا أو جاهلا الشعبي والأوزاعي ومالك والشافعيّ وقال النخعي وحماد بن أبي سليمان وأصحاب الرأي: إذا تكلم ناسيا استقبل الصلاة، وفرق أصحاب الرأي بين أن يتكلم ناسيا وبين أن يسلم ناسيا، فلم يوجبوا عليه الإعادة في السلام كما أوجبوها عليه في الكلام.
وقال الأوزاعي: من تكلم في صلاته عامدا بشيء يريد به إصلاح صلاته لم تبطل صلاته، وقال في رجل صلّى العصر فجهر بالقرآن، فقال رجل من ورائه إنها العصر، لم تبطل صلاته، وفي الحديث دليل على أن المصلي إذا عطس فشمته رجل فإنه لا يجبيه.
واختلفوا إذا عطس وهو في الصلاة هل يحمد اللَّه؟ فقالت طائفة: يحمد اللَّه.
روي عن ابن عمر أنه قال العاطس في الصلاة يجهر بالحمد، وكذلك قال النخعي وأحمد بن حنبل:
وهو مذهب الشافعيّ إلا أنه يستحب أن يكون ذلك في نفسه.
وقوله «يصمتوني» ومثله يسكتوني: معناه يطلبون منى أن أسكت، وقد حذف نون الرفع وقرئ كما في قوله تعالى: قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ بنون واحدة مخففة.
وقوله في الطيرة «ذلك شيء يجدونه في صدورهم» يريد أن ذلك شيء يوجد في النفوس البشرية وما يعتري الإنسان من قبل الظنون والأوهام من غير أن يكون له تأثير من جهة الطباع أو يكون فيه ضرر كما كان زعمه أهل الجاهلية.
وقوله: «ومنا رجال يخطون» فإن الخط عند العرب فيما فسره ابن الأعرابي أن يأتي الرجل العرّاف