للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي حديث هند بن أبي هالة: كان لا يتكلم في غير حاجة، طويل السّكت، يفتح الكلام ويختمه بأشداقه، ويتكلم بجوامع الكلم فضلا لا فضول فيه ولا تقصير.

وفي حديث أم معبد: وكان إذا صمت فعليه الوقار، وكأن منطقه خرزات نظم يتحدرن، حلو المنطق لا نذر ولا هذر.

وخرّج أبو محمد الدارميّ من حديث موسى بن عقبة عن كريب عن ابن عباس رضي اللَّه عنه قال: كان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم إذا تكلم يرى كالنور بين ثناياه [ (١) ] .

وقال السهيليّ: فقد روي أنه كان يسطع على الجدار نور من ثغره إذا تبسّم، أو قال: تكلم.

وفي حديث هند أيضا: كان إذا أشار أشار بكفه كلها، وإذا تعجب قلّبها، وإذا تحدّث أفضل بها، يضرب براحته اليمني باطن إبهامه اليسرى.

وقال علي بن الحسين بن واقد: حدثنا أبي عن عبد اللَّه بن بريدة عن أبيه عن عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه أنه قال: يا رسول اللَّه! ما بالك أفصحنا ولم تخرج من بين أظهرنا؟ قال: كانت لغة إسماعيل قد درست، فجاء بها جبريل فحفظتها.

وقال عباد بن عباد بن حبيب بن المهلب عن موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبيه عن جده قال: بينا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم ذات يوم جالسا مع أصحابه، إذ نشأت سحابة، فقالوا: يا رسول اللَّه! هذه سحابة. فقال: كيف ترون قواعدها؟

قالوا: ما أحسنها وأشدّ تمكنها!! فقال: كيف ترون رحاها؟ قالوا: ما أحسنها وأشدّ استدارتها! قال: وكيف ترون بواسقها؟ قالوا: ما أحسنها وأشدّ استقامتها!! فقال: كيف ترون برقها؟ أو ميضا؟ أم خفيا؟ أم يشق شقا؟ قالوا: بل يشق شقا، قال: فكيف ترون جونها؟ قالوا: ما أحسنه وأشدّ سواده!! فقال صلّى اللَّه عليه وسلّم الحيا. فقالوا: يا رسول اللَّه ما رأينا الّذي هو أفصح منك، قال: وما يمنعني، وإنما أنزل القرآن بلساني لسان عربيّ مبين،

قواعدها: أسافلها، واحدها قاعدة، ورحاها: وسطها، وعظمها وبواسقها: ما علا وارتفع منها، واحدتها باسقة، والوميض: اللمع الخفي، والخفي: البرق الضعيف، وجونها: أسودها، والحيا (مقصورا) ، الغيث والخصب، وجمعه أحياء.


[ (١) ] (سنن الدارميّ) ج ١ ص ٣٠ باب في حسن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم.