للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سأرى علامة في أمتي وأمرني إذا رأيتها أن أسبح بحمده وأستغفره إنه كان توابا، فقد رأيتها، إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً [ (١) ] .

وخرّج البخاري ومسلم من حديث الأعمش عن إبراهيم عن عبيدة السليماني عن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: اقرأ عليّ القرآن، فقلت: يا رسول اللَّه! أقرأ عليك القرآن وعليك أنزل؟ قال: إني أشتهي أن أسمعه من غيري، قال:

[فقرأت عليه] حتى إذا بلغت فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً [ (٢) ] ، فرفعت بصري أو غمزني رجل إلى جنبي فرفعت رأسي فرأيت دموعه تسيل. وقال البخاري: إني أحب أن أسمعه من غيري- وهنا انتهى حديثه- لم يذكر ما بعده. ترجم عليه باب من أحب أن يسمع القرآن من غيره، وذكره في باب البكاء عند قراءة القرآن [ (٣) ] .


[ (١) ] سورة النصر
(مسند أحمد) : ج ٧ ص ٥٤، حديث رقم (٢٣٥٤٥) من حديث السيدة عائشة رضي اللَّه عنها.
(ابن كثير في التفسير) ج ٤ ص ٦٠٢ قال: ورواه مسلم من طريق داود بن هند به، وقال ابن جرير: حدثنا أبو السائب، حدثنا حفص، حدثنا عاصم عن الشعبي، عن أم سلمة قالت: كان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في آخر أمره لا يقوم ولا يقعد، ولا يذهب ولا يجيئ إلا قال: «سبحان اللَّه وبحمده، فقلت: يا رسول اللَّه! رأيتك تكثر من سبحان اللَّه وبحمده، لا تذهب ولا تجئ، ولا تقوم ولا تقعد، إلا قلت: «سبحان اللَّه وبحمده» ؟ قال: إني أمرت بها، فقال: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ إلى آخر السورة. غريب.
ورواه ابن أبي حاتم عن أبيه، عن عمرو بن مرة، عن شعبة، عن إسحاق به.
والمراد بالفتح هنا، فتح مكة قولا واحدا، فإن أحياء العرب كانت تتلوم بإسلامها فتح مكة، يقولون: إن ظهر على قومه فهو نبي، فلما فتح اللَّه عليه مكة دخلوا في دين اللَّه أفواجا، فلم تمض سنتان حتى استوسقت جزيرة العرب إيمانا، ولم يبق في سائر قبائل العرب إلا مظهر للإسلام. وللَّه الحمد والمنة. (المرجع السابق) .
[ (٢) ] آية ٤١/ النساء
[ (٣) ] (اللؤلؤ والمرجان) ج ١ ص ١٥٥ باب فضل استماع القرآن، وطلب القراءة من حافظه للاستماع، والبكاء عند القراءة والتدبر، حديث رقم (٤٦٣) .
(فتح الباري) : ج ٩ ص ١١٥، باب (٣٢) من أحبّ أن يستمع القرآن من غيره، وباب (٣٣) قول المقرئ للقارئ: حسبك، حديث رقم (٥٠٤٩) ، (٥٠٥٠) . قال ابن بطال:
يحتمل أن يكون أحبّ أن يسمعه من غيره، ليكون عرض القرآن سنة. ويحتمل أن يكون لكي يتدبره ويتفهمه، وذلك أن المستمع أقوى على التدبر، ونفسه أخلى وأنشط لذلك من القارئ لاشتغاله بالقراءة