للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وويل لمن قرأ هذه الآية ولم يتفكر فيها [ (١) ] .

وله من حديث شعبة عن أبي إسحاق قال: سمعت حارثة بن مضرب يحدث عن علي رضي اللَّه عنه قال: لقد رأيتنا وما فينا قائم إلا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم تحت شجرة يصلي ويبكي حتى أصبح، يعني ليلة القدر [ (٢) ] .

وخرّج البخاري من حديث معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة عن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم قال: إني لأنقلب إلى أهلي فأجد التمرة ساقطة على فراشي فأرفعها لآكلها، ثم أخشى أن تكون صدقة فألقيها [ (٣) ] .

وخرّجاه من طرق متعددة.


[ (١) ]
(الإحسان) : ٢/ ٣٨٦، كتاب الرقائق، باب التوبة، ذكر البيان بأن المرء إذا تخلى لزوم البكاء على ما ارتكب من الحوبات وإن كان بائنا عنها مجتهدا في إثبات ضدها، حديث رقم (٦٢٠) : أخبرنا عمران ابن موسى بن مجاشع، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا يحيى بن زكريا، عن إبراهيم بن سويد النّخعيّ، حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء قال: دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة فقالت لعبيد بن عمير: قد آن لك أن تزورنا، فقال: أقول يا أمّه كما قال الأول: زر غبّا تزدد حبّا. قال: فقالت:
دعونا من طانتكم هذه. قال ابن عمير: أخبرينا بأعجب شيء رأيته من رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، قال:
فسكتت ثم قالت: لما كان ليلة من الليالي قال: «يا عائشة ذريني أتعبّد الليلة لربي» . قلت: والله إني لأحبّ قربك، وأحبّ ما سرّك. قالت: فقام فتطهر، ثم قام يصلي. قالت: فلم يزل يبكي حتى بلّ حجره، قالت: ثم بكى، فلم يزل يبكي حتى بلّ الأرض، فجاء بلال يؤذنه بالصلاة، فلما رآه يبكي قال: يا رسول اللَّه، لم تبكي وقد غفر اللَّه لك ما تقدم وما تأخر؟ قال: «أفلا أكون عبدا شكورا، لقد نزلت عليّ الليلة آية، ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ الآية كلها. إسناده قوي على شرط مسلم، وأخرجه أبو الشيخ في (أخلاق النبي) :
ص ١٨٦ عن الفريابي، عن عثمان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد.
وله طريق أخرى عن عطاء عند أبي الشيخ ص ١٩٠- ٩٩١ وفيه أبو جناب الكلبي يحي بن أبي حية، ضعفوه لكثرة تدليسه، لكن صرّح بالتحديث هنا، فانتفت شبهة تدليسه.
[ (٢) ] سبق الإشارة إليه.
[ (٣) ]
(جامع الأصول) : ٤/ ٦٥٧، حديث رقم (٢٧٤٨) ، البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة، البخاري في الزكاة وفي الجهاد، ومسلم في تحريم الزكاة على النبي وآله.
قوله: «إني لأنقلب إلى أهلي فأجد التّمرة ساقطة على فراشي ثم أرفعها لأكلها ثم أخشى أن تكون صدقة فألقيها» ،
وفيه تحريم الصدقة عليه صلّى اللَّه عليه وسلّم وأنه لا فرق بين صدقة الفرض والتطوع،
لقوله صلّى اللَّه عليه وسلّم: «لولا أن تكون من الصدقة لأكلتها»
فهي تعم النوعين، ولم يقل الزكاة، وفيه استعمال الورع، لأن هذه التمرة لا تحرم بمجرد الاحتمال، لكن الورع تركها. وفيه أن التمرة ونحوها من محقرات الأموال لا يجب تعريفها، بل يباح أكلها والتصرف فيها في الحال، لأنه صلّى اللَّه عليه وسلّم إنما تركها خشية أن تكون من الصدقة لا لكونها لقطة، وهذا الحكم متفق عليه، وعلله أصحابنا وغيرهم بأن صاحبها في العادة لا يطلبها، ولا يبقى له فيها