وقال ابن سعد: فلما انتهوا إلى حيث يوضع الركن من البيت، قالت كل قبيلة: نحن أحق بوضعه، واختلفوا حتى خافوا القتال، ثم جعلوا بينهم أول من يدخل من باب بني شيبة، فيكون هو الّذي يضعه، وقالوا: رضينا وسلمنا، فكان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أول من دخل من باب بني شيبة، فلما رأوه قالوا: هذا الأمين، قد رضينا بما قضى بيننا، ثم أخبروه الخبر، فوضع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم رداءه، وبسطه في الأرض، ثم وضع الركن فيه، ثم قال: ليأت من كل ربع من أرباع قريش رجل، فكان في ربع بني عبد مناف عتبة بن ربيعة، وكان في الربع الثاني أبو زمعة، وكان في الربع الثالث أبو حذيفة بن المغيرة، وكان في الربع الرابع قيس بن عديّ. ثم قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: ليأخذ كل رجل منكم بزاوية من زوايا الثوب، ثم ارفعوه جميعا، فرفعوه، ثم وضعه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بيده موضعه ذلك، فذهب رجل من أهل نجد ليناول النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم حجرا يشدّ به الركن، فقال العباس بن عبد المطلب: لا، ونحّاه، وناول العباس رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم حجرا فشدّ به الركن، فغضب النجديّ حيث نحيّ، فقال النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم: إنه ليس يبني معنا في البيت إلّا منّا، فقال النجديّ: يا عجبا لقوم أهل شرف، وعقول، وسنّ، وأموال، عمدوا إلى أصغرهم سنّا، وأقلهم مالا، فرأسوه عليهم في مكرمتهم وحرزهم، كأنهم خدم له، أما واللَّه ليفوتنهم سبقا، وليقسمن بينهم حظوظا وجدودا! ويقال: إنه إبليس، فقال أبو طالب: إن لنا أوله وآخره ... في الحكم والعدل الّذي لا ننكره وقد جهدنا جهدنا لنعمره ... وقد عمرنا خيره وأكثره فإن يكن حقا ففينا أوفره. (طبقات ابن سعد) : ١/ ١٤٦. [ (١) ] يقال: فلان سنّ فلان، إذا كان مثله في السنّ (لسان العرب) ١٣/ ٢٢٢. [ (٢) ] جمع إزار. [ (٣) ] إسحاق بن يسار مولى قيس بن مخرمة، والد محمد بن إسحاق صاحب (المغازي) ، روي عن مقسم مولى عبد اللَّه بن الحارث، وعبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة، روى عنه ابنه محمد بن إسحاق، سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ذلك، زاد أبي: وروى عنه ابن طحلاء. وزاد أبو زرعة: يعدّ في المدينيين. قال: وسئل أبو زرعة عنه، فقال: ثقة، هو أوثق من ابنه. حدثنا عبد الرحمن، أخبرنا يعقوب بن إسحاق الهروي، فيما كتب إليّ، حدثنا عثمان بن سعيد قال: سألت يحيى بن معين قلت: والد محمد بن إسحاق، كيف حاله؟ قال: ثقة. (الجرح والتعديل) :