للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[رسول] [ (١) ] اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم خديجة رضي اللَّه عنها بحال الوحي أول ما فجئه وأرادت اختباره فقالت له: اجعلني بينك وبين ثوبك، فلما فعل ذلك ذهب عنه!! فقالت:

إنه ملك وليس بشيطان [ (٢) ] ، ومعناه أنه لا يقرب النساء، وكذلك سألته عن أحب الثياب إليه أن يأتيه فيها، فقال: البياض والخضرة، فقالت إنه الملك،

بمعنى أن الخضرة والبياض من ألوان الخير والملائكة، والسواد من ألوان الشرّ والشياطين وأمثال ذلك.

ومن علاماتهم أيضا دعواهم الخلق إلى الدين والعبادة من الصلاة والصدقة والعفاف، وقد استدلت خديجة رضي اللَّه [عنها] [ (١) ] على صدقه صلّى اللَّه عليه وسلّم بذلك، وكذلك أبو بكر رضي اللَّه عنه، فلم يحتاجا- رضي اللَّه عنهما- في أمره عليه السلام إلى دليل خارج عن حاله وخلقه، وكذا هرقل لما جاءه كتاب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يدعوه إلى الإسلام سأل عن حاله، وكان فيما قال: فبم يأمركم؟ فقال أبو سفيان: بالصلاة والزكاة والصلة والعفاف، فأجابه عن ذلك، فقال: إن يكن ما يقول حقا إنه نبي وسيملك ما تحت قدمي هاتين [ (٣) ] ، والعفاف الّذي أشار إليه هرقل هو العصمة، فانظر كيف أخذ من العصمة والدعاء إلى الدين والعبادة دليلا على صحة النبوة، ولم يحتج إلى معجزة، فدل على أنّ ذلك من علامات النبوة.

ومن علاماتهم أيضا أن يكونوا ذوى حسب في قومهم، كما

قال صلّى اللَّه عليه وسلّم: «ما بعث اللَّه نبيا في منعه [ (٤) ] من قومه» ، وفي رواية للحاكم: في ثروة من قومه.


[ () ] ٢/ ٤٣٥، وابن حبان في صحيحه، كتاب (الصلاة) ، باب: المساجد، فصل ذكر الزجر عن إتيان المساجد لأكل الثوم والبصل والكراث إلى أن تذهب رائحتها، حديث رقم (١٦٤٤) ، عن جابر بن عبد اللَّه، عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم قال: «من أكل من هذه البقلة: الثوم والبصل والكراث، فلا يغشنا في مساجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنس» ، والطحاوي في (شرح معاني الآثار) : ٤/ ٢٥٠.
[ (١) ] زيادة للسياق.
[ (٢) ] سيأتي تخريجه إن شاء اللَّه تعالى في فصل «ذكر مجيء الملك إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم برسالات ربه تعالى» .
[ (٣) ] سيأتي تخريجه إن شاء اللَّه تعالى عند شرح مكاتيب النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم إلى الملوك.
[ (٤) ] منع: منعه يمنعه- بفتح نونهما- ضد أعطاه، كمنعه فهو مانع ومنّاع ومنوع: جمع الأول منعه محرّكة، وهو في عزّ ومنعة- محرّكة ويسكّن- أي معه من يمنعه من عشيرته. (ترتيب القاموس) :
٤/ ٢٨٧.