للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبدا [ (١) ] ، فو اللَّه إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقرى الضيف، وتعين على نوائب الحق، فانطلقت به خديجة حتى أتت ورقة ابن نوفل بن أسد بن عبد العزى وهو ابن عم خديجة- أخى أبيها- وكان امرأ تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب، ويكتب من الإنجيل بالعربية ما شاء اللَّه أن يكتب، وكان شيخا كبيرا قد عمى، فقالت له خديجة: يا ابن عم-


[ () ] وَالْقَمَرِ [الآية ٣٢/ المدثر] ، فقالوا: معناه إي والقمر، وهذا المعنى لا يتأتي في آيتي المؤمنين والشعراء: كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها [الآية ١٠٠/ المؤمنون] ، كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي [الآية ٦٢/ الشعراء] .
وقول من قال: بمعنى حقا، لا يتأتّى في نحو: إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ، كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ [الآيتان ٧، ١٥ المطففين] ، لأنّ «إنّ» تكسر بعد ألا الاستفتاحية، ولا تكسر بعد حقا، ولا بعد ما كان بمعناها، ولأن تفسير حرف بحرف أولى من تفسير حرف باسم.
وإذا صلح الموضع للردع ولغيره، جاز الوقف عليها، والابتداء بها، على اختلاف التقديرين.
والأرجح حملها على الردع، لأنه الغالب عليها، وذلك نحو: أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً كَلَّا سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ [الآيتان ٧٨، ٧٩ مريم] ، وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ [الآيتان ٨١، ٨٢/ مريم] .
وقد يتعين للردع أو الاستفهام نحو: رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها [الآية ١٠٠/ المؤمنون] ، لأنها لو كانت بمعنى حقا لما كسرت همزة إنّ، ولو كانت بمعنى نعم لكانت للوعد بالرجوع، لأنها بعد الطلب، كما يقال: أكرم فلانا، فتقول: نعم. ونحو:
قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قالَ كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ [الآيتان ٦١، ٦٢/ الشعراء] ، وذلك لكسر إنّ، ولأن نعم بعد الخبر للتصديق.
وقد يمتنع كونها للزجر والردع، نحو: وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ كَلَّا وَالْقَمَرِ [الآيتان ٣١، ٣٢/ المدثر] ، إذ ليس قبلها ما يصح ردّه.
وقرئ: كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ [الآية ٨٢/ مريم] بالتنوين، إما على أنه مصدر كلّ إذا أعيا، أي كلّوا في دعواهم وانقطعوا، أو من الكلّ وهو الثّقل، أي حملوا كلا. وجوّز الزمخشريّ كونه حرف الردع نوّن كما في سَلاسِلَ [الآية ٤/ الإنسان] ، وردّ عليه بأن سَلاسِلَ اسم أصله التنوين فردّ إلى أصله، ويصحح تأويل الزمخشريّ قراءة من قرأ وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ [الآية ٤/ الفجر] إذا الفعل ليس أصله التنوين.
وقال ثعلب: كلّا مركب من كاف التشبيه ولا النافية، وإنما شددت لأمها لتقوية المعنى، ولدفع توهم بقاء معنى الكلمتين، وعند غيره بسيطة كما ذكرنا، واللَّه تعالى أعلم. (بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز) : ٤/ ٣٨١- ٣٨٣.
[ (١) ] قوله: «فو اللَّه لا يخزيك اللَّه أبدا» لغير أبي ذر بضم أوله، والخاء المعجمة، والزاي المكسورة، ثم الياء الساكنة، من الخزي، ثم استدلت على ما أقسمت عليه من نفي ذلك أبدا بأمر استقرائي،