للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووصف من خديجة بعد وصف ... فقد طال انتظاري يا خديجا

ببطن المكتين [ (١) ] على رجائي [ (٢) ] ... حديثك أن [ (٣) ] أرى منه خروجا

بما خبرتنا [ (٤) ] عن قول قسّ ... من الرهبان أكره [ (٥) ] أن يعوجا

بأن محمدا سيسود فينا [ (٦) ] ... ويخصم من يكون له حجيجا

ويظهر في البلاد ضياء نور [ (٧) ] ... يقيم به البرية أن تعوجا


[ (١) ] ثنى «مكة» ، وهي واحدة، لأن لها بطاحا وظواهر، وقد ذكرنا من أهل البطاح، ومن أهل الظواهر، على أن للعرب مذهبا في أشعارها في تثنية البقعة الواحدة، وجمعها، وإنما يقصد العرب في هذه الإشارة إلى جانبي كل بلدة، أو الإشارة إلى أعلى البلدة وأسفلها، فيجعلونها اثنين على هذا المغزى وأحسن ما تكون هذه التثنية إذا كانت في ذكر جنة أو بستان، فتسميها جنتين في فصيح الكلام، إشعارا بأن لها وجهين، وأنك إذا دخلتها ونظرت إليها يمينا وشمالا رأيت من كلتا الناحيتين ما يملأ عينيك قوة، وصدرك مسرّة، وفي التنزيل: لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ [الآية ١٥/ سبأ] ، فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ [الآية ١٦/ سبأ] ، وفيه: جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ وَجَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً [الآيتان ٣٢، ٣٣/ الكهف] ، ثم قال سبحانه: دَخَلَ جَنَّتَهُ، ثم قال: وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ، ثم قال: فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ [من الآيتين ٣٥، ٣٩، ٤١/ الكهف] ، فأفرد بعد ما ثني وهي هي، وقد حمل العلماء على هذا المعنى قوله تعالى: وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ [الآية ٤٦/ الرحمن] ، والقول في هذه الآية يتسع. (الروض الأنف) : ١/ ٢١٨- ٢٢٠.
[ (٢) ] في (خ) : «على رجاء» ، وما أثبتناه من (ابن هشام) : ٢/ ١٠، (البداية والنهاية) : ٣/ ١٥، قوله: «حديثك أن أرى منه خروجا» ، فالهاء في «منه» راجعة على الحديث، وحرف الجر متعلق بالخروج، وإن كره النحويون ذلك، لأن ما كان من صلة المصدر عندهم، فلا يتقدم عليه، لأن المصدر مقدر بأن والفعل، فما يعمل فيه هو من صلة «أن» فلا يتقدم، فمن أطلق القول في هذا الأصل، ولم يخصص مصدرا من مصدر، فقد أخطأ المفصل وتاه في تضلل، ففي التنزيل: أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ [الآية: ٢/ يونس] ، ومعناه: أكان عجبا للناس أن أوحينا، ولا بد للّام هاهنا أن تتعلق بعجب، لأنها ليست في موضع صفة، ولا موضع حال لعدم العامل فيها. (المرجع السابق) .
[ (٣) ] في (خ) : «لو أرى» ، وما أثبتناه من (ابن هشام) ، (البداية والنهاية) .
[ (٤) ] في (خ) : «بما خبرتني» ، وما أثبتناه من (ابن هشام) ، (البداية والنهاية) .
[ (٥) ] في (خ) : «يكره» ، وما أثبتناه من (ابن هشام) ، (البداية والنهاية) .
[ (٦) ] في (خ) ، (البداية والنهاية) : «سيسود قوما، وما أثبتناه من (ابن هشام) .
[ (٧) ] هذا البيت يوضح لنا معنى النور ومعنى الضياء، وأن الضياء هو المنتشر عن النور، وأن النور