للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وله من حديث إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق عن وهب بن كيسان مولى آل الزبير قال: سمعت عبد اللَّه بن الزبير وهو يقول لعبيد بن عمير بن قتادة الليثي حديث أخبرنا عبيد كيف كان بدء ما ابتدأ اللَّه به رسوله من النبوة حين جاءه جبريل؟ فقال عبيد: وأنا حاضر يحدث عبد اللَّه بن الزبير وهو من عنده من الناس قال: كان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يجاور [ (١) ] في حراء من كل سنة شهرا، وكان ذلك مما تحنثت به قريش- والتحنث: التبرر [ (٢) ]- فكان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يجاور ذلك الشهر في كل سنة يطعم من جاءه من المساكين، فإذا قضى جواره من ذلك الشهر كان أول ما ابتدأ به إذا انصرف من جواره الكعبة قبل أن يدخل بيته فيطوف بها سبعا أو ما شاء اللَّه من ذلك، ثم يرجع إلى بيته حتى إذا كان الشهر الّذي أراد اللَّه به ما أراد من كرامته من السنة التي بعث فيها، وذلك الشهر شهر رمضان، خرج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم إلى حراء كما كان يخرج لجواره معه أهله، حتى كانت الليلة التي أكرمه اللَّه فيها برسالته، ورحم العباد بها، جاءه جبريل من اللَّه تعالى [ (٣) ] .

وقال إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فجاءني


[ () ] حدثنا حماد عن عمار بن أبي عمار، مرسل ليس فيه ابن عباس، أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم قال لخديجة، فذكر عثمان الحديث،
وقال أبو كامل وحسن في حديثهما: أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم قال لخديجة: «إني أرى ضوءا، وأسمع صوتا، وإني أخشى أن يكون بي جنن، قالت: لم يكن اللَّه ليفعل ذلك بك يا ابن عبد اللَّه، ثم أتت ورقة ابن نوفل، فذكرت ذلك له فقال: إن يك صادقا، فإن هذا ناموس مثل ناموس موسى، فإن بعث وأنا حيّ فسأعززه، وأنصره وأومن به» . (مسند أحمد) : ١/ ٥١٢، ٥١٣، حديث رقم (٢٨٤١) .
[ (١) ] الجوار بالكسر في معنى المجاورة، وهي الاعتكاف إلا من وجه واحد، وهو أن الاعتكاف لا يكون إلا داخل المسجد، والجوار قد يكون خارج المسجد، كذلك قال ابن عبد البر، ولذلك لم يسمّ جواره بحراء اعتكافا، لأن حراء ليس من المسجد، ولكنه من جبال الحرم، وهو الجبل الّذي نادى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم حين قال له ثبير وهو على ظهره: اهبط عني، فإنّي أخاف أن تقتل على ظهري فأعذّب، فناداه حراء: إليّ يا رسول اللَّه. (الروض الأنف للسهيلي) .
[ (٢) ] التبرر: تفعّل من البر، وتفعّل: يقتضي الدخول في الفعل، وهو الأكثر فيها مثل: تفقّه، وتعبّد، وتنسّك. قال ابن هشام: تقول العرب: التحنث والتحنف، يريدون الحنيفية فيبدلون الفاء من الثاء، قال ابن هشام: وحدثني أبو عبيدة أن العرب تقول: «فمّ» في موضع «ثمّ» . (المرجع السابق) .
[ (٣) ] سيرة ابن هشام) : ٢/ ٦٩، ٧٠.