للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال اللَّه تعالى: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ [ (١) ] ، قال إبراهيم بن طهمان: سألت سعيدا عن قوله تعالى: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ قال: فحدثني عن قتادة عن أنس بن مالك أنه قد شق بطنه- يعني النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم- من عند بطنه إلى صدره، فاستخرج قلبه فغسل في طست من ذهب ثم مليء إيمانا وحكمة ثم أعيد مكانه، قد روى من وجوه باختلاف الأماكن والأيام، فروى أن ذلك وقع وهو مسترضع في بني سعد كما تقدم ذكره عند ذكر حليمة في فصل أمهاته من الرضاعة، وقيل وقع ذلك في موضع آخر في زمان آخر، فروى أنه أعيد له شرح الصدر بعد أن تم له عشر سنين.

وقد أخرج في الصحيحين أنه شق صدره ليلة المعراج،

وخرج الحافظ أبو نعيم من حديث معاذ بن محمد بن معاذ بن محمد بن أبيّ بن كعب قال حدثني أبي عن أبيه عن جده أبيّ بن كعب أن أبا هريرة سأل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم- وكان حريّا [ (٢) ] أن يسأله عن الّذي لا يسأله غيره- فقال: يا رسول اللَّه! ما أول ما ابتدئت به من أمر النبوة؟ فقال [ (٣) ] : إذا سألتني إني لفي صحراء أمشي ابن عشر حجج، إذا


[ () ] السهم. وسهم مصدّر: غليظ الصدر، وأخذ الأمر بصدره: بأوله. والأمور بصدورها، وهؤلاء صدرة القوم: مقدّموهم. وصدّر فلان فتصدّر: قدّم فتقدّم، وصدره: أصاب صدره، ومنه رجل مصدور: يشتكي صدره، فإذا عدّي «صدر» بعن اقتضى الانصراف، نحو صدرت الإبل عن الماء صدرا.
والمصدر يقال في مصدر صدر عن الماء، ولموضع الصدر، ولزمانه، وقد يقال في عرف النحاة للفظ الّذي روعي فيه صدور الفعل الماضي والمستقبل عنه. وقال بعض العلماء: حيثما ذكر اللَّه القلب فإشارة إلى العقل والعلم، نحو قوله تعالى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ [٣٦/ ق] ، وحيثما ذكر الصدر، فإشارة إلى ذلك وإلى سائر القوى: من الشهوة، والهوى والغضب، ونحوها.
وقوله تعالى: رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي [٢٥/ طه] ، سؤال لإصلاح قواه، وكذا قوله:
وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ [١٤/ التوبة] ، إشارة إلى اشتفائهم، وقوله: فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [٤٦/ الحج] ، أي العقول التي هي مندسّة فيما بين سائر القوى. (المرجع السابق) : ٣٩٢، ٣٩٣.
[ (١) ] أول سورة الشرح.
[ (٢) ] كذا في (خ) ، وفي (دلائل البيهقي) : «حريصا» .
[ (٣) ] كذا في (خ) ، وفي (دلائل البيهقي) : «إذ» .