للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب


[ () ] ويؤيده سياق رواية الليث المتقدمة. وأما ما رواه الطبراني من طريق يزيد بن أبي حبيب عن أسامة بن زيد الليثي، عن ابن شهاب في هذا الحديث، قال: «دعا المؤذن لصلاة العصر فأمسي عمر بن عبد العزيز قبل أن يصليها» ، فمحمول على أنه قارب المساء لا أنه دخل فيه، وقد رجع عمر بن عبد العزيز عن ذلك، فروى الأوزاعي عن عاصم بن رجاء بن حيوة عن أبيه أن عمر بن عبد العزيز- يعني في خلافته- كان يصلي الظهر في الساعة الثامنة والعصر في الساعة العاشرة حين تدخل.
قوله: «أن المغيرة بن شعبة أخّر الصلاة يوما» ، بين عبد الرزاق في روايته عن ابن جريج عن ابن شهاب أن الصلاة المذكورة العصر أيضا، ولفظه: «أمسى المغيرة بن شعبة بصلاة العصر.
قوله: «وهو بالعراق» ، في الموطأ، رواية القعنبي وغيره عن مالك «وهو بالكوفة» ، وكذا أخرجه الإسماعيلي عن أبي خليفة عن القعنبي، والكوفة من جملة العراق، فالتعبير بها أخصّ من التعبير بالعراق، وكان المغيرة إذا ذاك أميرا عليها من قبل معاوية بن أبي سفيان.
قوله: «ما هذا» ؟ الأكثر في الاستعمال في مخاطبة الحاضر: «ألست» ، وفي مخاطبة الغائب:
«أليس» .
قوله: «قد علمت» ، قال عياض: يدل ظاهره على علم المغيرة بذلك، ويحتمل أن يكون ذلك على سبيل الظن من أبي مسعود لعلمه بصحبة المغيرة. قلت: ويؤيد الأول رواية شعيب عن ابن شهاب عند المصنف في غزوة بدر بلفظ «فقال لقد علمت» بغير أداة استفهام، ونحوه لعبد الرزاق عن معمر وابن جريج جميعا.
قوله: «إن جبريل نزل» ، بين ابن إسحاق في المغازي، أن ذلك كان صبيحة الليلة التي فرضت فيها الصلاة، وهي ليلة الإسراء، قال ابن إسحاق: «حدثني عتبة بن مسلم عن نافع بن جبير» ، وقال عبد الرزاق: «عن ابن جريج قال: قال نافع بن جبير وغيره: لما أصبح النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم من الليلة التي أسري به لم يرعه إلا جبريل نزل حين زاغت الشمس، ولذلك سمّيت «الأولى» أي صلاة الظهر، فأمر فصيح بأصحابه: الصلاة جامعة، فاجتمعوا، فصلّى به جبريل، وصلّى النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم بالناس» ، فذكر الحديث، وفيه ردّ على من زعم أن بيان الأوقات إنما وقع بعد الهجرة، والحقّ أن ذلك وقع قبلها ببيان جبريل، وبعدها ببيان النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم.
قوله: «نزل فصلّى، فصلّى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم» ، قال عياض: ظاهره أن صلاته كانت بعد فراغ صلاة جبريل، لكن المنصوص في غيره أن جبريل أمّ النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، فيحمل قوله: «صلّى فصلّى» ، على أن جبريل كان كلما فعل جزءا من الصلاة تابعه النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم بفعله. وبهذا جزم النووي.
وقال غيره: الفاء بمعنى الواو، واعترض بأنه يلزم أن يكون النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم كان يتقدم في بعض الأركان على جبريل، على ما يقتضيه مطلق الجمع، وأجيب بمراعاة الحيثية وهي التبين، فكان لأجل ذلك يتراخى عنه، وقيل: الفاء للسببية كقوله تعالى: فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ. وفي رواية الليث عند المصنف وغيره: «نزل جبريل فأمّني فصليت معه» ، وفي رواية عبد الرزاق عن معمر: «نزل فصلّى، فصلّى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فصلّى الناس معه» ، وهذا يؤيد رواية نافع بن جبير المتقدمة، وإنما دعاهم إلى الصلاة بقوله: «الصلاة جامعة» ، لأن الأذان لم يكن شرع حينئذ.
واستدل بهذا الحديث على جواز الائتمام بمن يأتم بغيره، ويجاب عنه بما يجاب به عن قصة