للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب


[ () ] [١٠] في هذا الحديث دليل على ضعف الحديث الوارد في أن جبريل أمّ بالنبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم في يومين لوقتين مختلفين لكل صلاة، قال: لأنه لو كان صحيحا لم ينكر عروة على عمر صلاته في آخر الوقت محتجا بصلاة جبريل، مع أن جبريل قد صلّى في اليوم الثاني في آخر الوقت وقال: «الوقت ما بين هذين» .
وأجيب باحتمال أن تكون صلاة عمر كانت خرجت عن وقت الاختيار وهو مصير ظل الشيء مثليه، لا عن وقت الجواز وهو مغيب الشمس، فيتجه إنكار عروة، ولا يلزم منه ضعف الحديث. أو يكون عروة أنكر مخالفة ما واظب عليه النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، وهو الصلاة في أول الوقت، ورأى أن الصلاة بعد ذلك إنما هي لبيان الجواز، فلا يلزم منه ضعف الحديث أيضا.
وقد روى سعيد بن منصور من طريق طلق بن حبيب مرسلا قال: «إن الرجل ليصلي الصلاة وما فاتته، ولما فاته من وقتها خير له من أهله وماله» . ورواه أيضا عن ابن عمر من قوله، ويؤيد ذلك احتجاج عروة بحديث عائشة في كونه صلّى اللَّه عليه وسلّم كان يصلي العصر والشمس في حجرتها، وهي الصلاة التي وقع الإنكار بسببها، وبذلك تظهر مناسبة ذكره لحديث عائشة بعد حديث أبي مسعود، لأن حديث عائشة يشعر بمواظبته على صلاة العصر في أول الوقت، وحديث أبي مسعود يشعر بأن أصل بيان الأوقات كان بتعليم جبريل. (فتح الباري) : ٢/ ٣- ٨، كتاب مواقيت الصلاة، باب مواقيت الصلاة وفضلها، حديث رقم (٥٢١) ،
وذكر البخاري نحوا منه في كتاب بدء الخلق، حديث رقم (٣٢٢١) : «أما إن جبريل قد نزل فصلّى أمام رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، فقال عمر: اعلم ما تقول يا عروة، قال: سمعت بشير بن أبي مسعود يقول: سمعت أبا مسعود يقول: سمعت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يقول: نزل جبريل فأمني فصليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه، يحسب بأصابعه خمس صلوات.
وذكره البخاري في كتاب المغازي (حديث رقم ٤٠٠٧) : «سمعت عروة بن الزبير يحدّث عمر ابن عبد العزيز في إمارته: أخّر المغيرة بن شعبة العصر وهو أمير الكوفة، فدخل أبو مسعود عقبة بن عمرو الأنصاريّ جد زيد بن حسن شهد بدرا فقال: لقد علمت نزل جبريل فصلّى، فصلّى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم خمس صلوات ثم قال: هكذا أمرت، ذلك كان بشير بن أبي مسعود يحدث عن أبيه» .
ورواه مسلم في المساجد باب استحباب التبكير بالعصر، والموطأ ١/ ٨- ٩ في وقت الصلاة، وأبو داود في الصلاة، باب في وقت صلاة العصر، والنسائي في المواقيت، باب تعجيل العصر.
وأما قول عروة: «ولقد حدثتني عائشة أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم كان يصلي العصر والشمس في حجرتها قبل أن تظهر» ، فهو الحديث الّذي ذكره البخاري برقم (٥٢٢) في كتاب مواقيت الصلاة بعد الحديث السابق شرحه وتخريجه، وقد ذكر البخاري نحوا منه في باب وقت العصر من كتاب مواقيت الصلاة، الأحاديث أرقام: (٥٤٤) ، (٥٤٥) ، (٥٤٦) ، بسياقات متقاربة مفادها أن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: «كان النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم يصلي صلاة العصر والشمس طالعة في حجرتي، لم يظهر الفيء بعد» . قال الحافظ ابن حجر: والحاصل أن أنس بن عياض- وهو أبو ضمرة الليثي- وأبا أسامة رويا الحديث عن هشام- وهو ابن عروة بن الزبير- عن أبيه عن عائشة، وزاد أبو أسامة التقييد بقعر الحجرة، وهو أوضح في تعجيل العصر من الرواية المطلقة، وقد وصل الإسماعيلي طريق أبي أسامة في مستخرجه، لكن بلفظ «والشمس واقعة في حجرتي، وعرف بذلك أن الضمير في قوله: