وقد نبّه الحافظ ابن حجر على أنه قد ورد في هذه القصة من وجه آخر عن الزهري بيان أبي مسعود للأوقات، وفي ذلك ما يرفع الإشكال، ويوضح توجيه احتجاج عروة به، فروى أبو داود وغيره، وصححه ابن خزيمة وغيره من طريق ابن وهب، والطبراني من طريق يزيد بن أبي حبيب، كلاهما عن أسامة بن زيد، عن الزهري هذا الحديث بإسناده، وزاد في آخره: «قال أبو مسعود: فرأيت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يصلي الظهر حين تزول الشمس» فذكر الحديث. وذكر أبو داود أن أسامة بن زيد تفرد بتفسير الأوقات فيه، وأن أصحاب الزهري لم يذكروا ذلك. قال: وكذا رواه هشام بن عروة وحبيب بن أبي مرزوق عن عروة، لم يذكروا تفسيرا. ورواية هشام أخرجها سعيد بن منصور في سننه، ورواية حبيب أخرجها الحارث بن أبي أسامة في مسندة. وقد وجدت ما يعضد رواية أسامة ويزيد عليها، أن البيان من فعل جبريل، وذلك فيما رواه الباغندي في (مسند عمر بن عبد العزيز) ، والبيهقي في (السنن الكبرى) من طريق يحيى ابن سعيد الأنصاري، عن أبي بكر بن حزم أنه بلغه عن أبي مسعود، فذكره منقطعا. لكن رواه الطبراني من وجه آخر عن أبي بكر عن عروة، فرجع الحديث إلى عروة، ووضح أن له أصلا، وأن في رواية مالك ومن تابعه اختصارا، وبذلك جزم ابن عبد البر، وليس في رواية مالك ومن تابعه ما ينفي الزيادة المذكورة، فلا توصف والحالة هذه بالشذوذ. وفي هذا الحديث من الفوائد: [١] دخول العلماء على الأمراء. [٢] إنكارهم عليهم ما يخالف السنة. [٣] استثبات العالم فيما يستقر به السماع. [٤] الرجوع عند التنازع إلى السنة. [٥] فيه فضيلة عمر بن عبد العزيز. [٦] فيه فضيلة المبادرة بالصلاة في الوقت الفاضل. [٧] قبول خبر الواحد الثبت. [٨] استدل به ابن بطال وغيره على أن الحجة بالمتصل دون المنقطع، لأن عروة أجاب عن استفهام عمر له لما أن أرسل الحديث بذكر من حدّثه به فرجع إليه، فكأنما عمر قال له: تأمل ما تقول، فلعله بلغك عن غير ثبت. فكأن عروة قال له: بل قد سمعته ممن قد سمع صاحب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، والصاحب قد سمعه من النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم. [٩] واستدل به عياض على جواز الاحتجاج بمرسل الثقة، كصنيع عروة حين احتج على عمر قال: وإنما راجعه عمر لتثبته فيه، لا لكونه لم يرض به مرسلا. كذلك قال، وظاهر السياق يشهد لما قال ابن بطال. وقال ابن بطال أيضا: ...