للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبد اللَّه بن عمر لو أن لأحد مثل أحد ذهبا فأنفقه في سبيل اللَّه ما قبله اللَّه منه حتى يؤمن بالقدر، ثم

قال: حدثني عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه قال بينما نحن عند رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلّم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه وقال: يا محمد! أخبرني عن الإسلام فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدا رسول اللَّه، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا، قال: صدقت، فعجبنا له، يسأله ويصدقه! قال: فأخبرني عن الإيمان، قال: أن تؤمن باللَّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره، قال:

صدقت، قال: [فأخبرني] [ (١) ] عن الإحسان، قال: أن تعبد اللَّه كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، قال: [فأخبرني] [ (١) ] عن الساعة، قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل، قال: فأخبرني عن أمارتها، [قال:] [ (٢) ] [أمارتها] [ (٣) ] أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة [العالة] [ (٤) ] رعاء الشاء يتطاولون في البنيان، قال: ثم انطلق فلبث مليا، ثم قال لي: يا عمر! أتدري من السائل؟ قلت: اللَّه


[ () ] قوله: «قال- يعني ابن عمر رضي اللَّه عنهما-: فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم، وأنهم برآء مني، والّذي يحلف به عبد اللَّه بن عمر، لو أن لأحدهم مثل أحد ذهبا فأنفقه ما قبل اللَّه منه حتى يؤمن بالقدر» ، هذا الّذي قاله ابن عمر رضي اللَّه عنهما، ظاهر في تكفير القدرية.
قال القاضي عياض رحمه اللَّه: هذا في القدرية الأول، الذين نفوا تقدم علم اللَّه تعالى بالكائنات، قال: والقائل بهذا كافر بلا خلاف، وهؤلاء الذين ينكرون القدر هم الفلاسفة في الحقيقة.
قال غيره: ويجوز أنه لم يرد بهذا الكلام التكفير المخرج من الملة، فيكون من قبيل كفران النعم، إلا أن قوله: ما قبله اللَّه منه، ظاهر في التكفير، فإن إحباط الأعمال إنما يكون بالكفر، إلا أنه يجوز أن يقال في المسلم: لا يقبل عمله لمعصيته وإن كان صحيحا، كما أن الصلاة في الدار المغصوبة صحيحة، غير محوجة إلى القضاء عند جمهور العلماء، بل بإجماع السلف، وهي غير مقبولة، فلا ثواب فيها على المختار عند أصحابنا. واللَّه تعالى أعلم. (مسلم بشرح النووي) : ١/ ٢٥٩، كتاب الإيمان، حديث رقم (١) .
[ (١) ] في (خ) : «أخبرني» والتصويب من رواية مسلم.
[ (٢) ] زيادة للسياق من رواية مسلم.
[ (٣) ] زيادة من (خ) .
[ (٤) ] زيادة من رواية مسلم.