أما في الشريعة الإسلامية: فقد ألمحنا إلى خطوط عامة في قواعد التفسير، يأتي تفصيل ما بني عليها فيما يأتي من مباحث:
ففي دائرة من الضبط العلمي الدقيق، ترى مثلًا أنهم تتبعوا اللفظ - كما أشرنا من قبل - في حالات وضوحه وإيهامه، ووضعوا له الضوابط التي تتلاءم مع تدرجه في مراحل الوضوح ومراحل الإبهام، حيث يستضيء المفسّر بها ليكون على بيِّنة من أمره عند استنباط الحكم؛ فلا يحيد عن الجادة، ولا يخطئ الهدف.
كما تتبعوا حالات دلالة اللفظ على الحكم، بشتى صورها، وألوانها مبينين بجلاء ووضوح، ما تعنيه كل حالة من الحالات، وأي دلالة تكون أوْلى بالتقديم إذا كان هنالك تنوُّع وتعدُّد في تلك الدلالات.
وليس ذلك فحسب: بل وضعوا للَّفظ عند نسبته إلى معناه، موازين ومعايير، اتسعت لحالات شموله، وعدم شموله، وحقيقته، ومجازه .... وما يتفرع عن ذلك من قضايا ومسائل؛ كل ذلك في إطار من التأويل السليم.
وهكذا تبدو تلك المناهج متكاملة، يجد الباحث في ظلها، أنس الطمأنينة، وروعة الدقة والضبط، وإمكان، استخدامها والإفادة منها على مرّ الأزمنة والعصور، ما دامت العربية دمها الدافق، وروحها الأصيل.
وإذا كنا نكتفي الآن بالإشارة العابرة، واللمحة الموجزة، فلأن موضوع بحثنا القادم في القواعد وتحريرها في مختلف الاتجاهات، وضبط العلاقة بينها وبين ما نشأ عنها من فروع وأحكام، كله شاهد لما نقول.
وإن تعجب، فعجب أن يضع بعض الناس أنفسهم، في موطن الحكم على قواعد التفسير في الفقه الإسلامي، وهم على حال لا يستطيعون معها إدراك أسرار العربية، والنسب الصحيح بينها وبين شريعة الإسلام.
ولنتوجه شطر نفر من المستشرقين الذين يريدون الكلام حول الكتاب