للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أن الباحث المنصف، يرى أن من أهم ما تميّز به الاستنباط في شريعة الإسلام، هذه الضوابط، التي ضمنت سلامة الاتجاه في التفسير. وأن الأئمة الذين يخشون الله في كل ما يأخذون وما يدعون، لا يُحكم عليهم بمفهومات تقوم على الانحراف والتزوير.

ولكن الذين في قلوبهم مرض، يأبون إلا أن يعلنوا عن أنفسهم حتى بالانحراف عن الطريق التي تقوم على احترام قواعد المنطق، والبحث العلمي المجرد، الذي لا يتأثر بما في النفس من حاجات ورغبات … ترتبط أول ما ترتبط بالأغراض التي من أجلها وُجه المستشرقون لدراسة الثقافة الإسلامية وأوضاع الشعوب الإسلامية، تلك الأغراض التي تنتمي أول ما تنتمي إلى مناهج التبشير ومخططات الاستعمار. وهذا لا يعني بحال من الأحوال الغضَّ من منهجية عدد من المستشرقين في البحث، أو نفي أن يكون فيهم أحيانًا من يرى في دراسته - ولو اليسير - من الإخلاص للحقيقة والمعرفة.

وعلى أية حال: فإن قواعد التفسير، التي تحمل في فقهنا عناصر خلودها، قد أثبتت وستثبت وجودها، كلما أُضيئت أمام رجال الفقه والقانون، سبل المعرفة، للصلة بمناهجها، وتبيّن خصائصها الأصيلة.

ولقد يرى الباحث كثيرًا من النماذج، التي تدل على إفادة كبريات مؤسساتنا القضائية من تلك القواعد؛ وذلك بردّ كثير من الأحكام إلى مبادئها (١).


(١) انظر: لأمثلة ذلك في أحكام محكمة النقض المصرية الطعن ١٩٥٤ (الدائرة الجنائية ١/ ١٤)، الطعن ٤٤ (الدائرة المدنية ٢/ ٨٧٩) الطعن ٥ (الدائرة المدنية ٢/ ٩١٥)، الطعن ٩١، ٩٦ (الدائرة المدنية ١/ ٢٦٦) الطعن ٣٣ (الدائرة المدنية ١/ ٤٥)، الطعن ٥٢٣، (الدائرة الجنائية ١/ ١٧٣) الطعن ١٢١١ (الدائرة الجنائية ١/ ١٥٦)، الطعن ١٠٥٣ (الدائرة الجنائية ٢/ ٥٧٧) .. وفي فتاوى مجلس الدولة بسورية: انظر مثلًا: الرأي (٣٥٠ ف ٤/ ٢٠)، والرأي (٥٨ رقم خاص ١٩٦٠)، والرأي (٥١٤ ذ ف ٣ تاريخ ٢٤/ ٦/ ٩٦١)، والرأي (٤٩٢ ف تاريخ ١٨/ ٩/ ٩١١) والرأي (١٧٢ تاريخ ٢٦/ ٤/ ٩٦١)، والرأي (١٦٥ تاريخ ٢٨/ ٢/ ٩٦٢) وغير ذلك كثير لمَن أراد المزيد من الاستقصاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>