للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحديث قراءة الفاتحة خاص. فلا معارضة، ويبنى العام على الخاص، وصلاة المأموم صلاة حقيقية، فتنتفي عند انتفاء القراءة.

والذي نرتضيه، هو ما ذهب إليه القائلون بالقراءة، حيث يحمل العام على الخاص في هذه الحالة، خصوصًا وأن أحاديث صحيحة عدة، قضت بوجوب فاتحة الكتاب في كل ركعة، دون تفريق بين إمام ومأموم (١).

وهذه المجموعة من النصوص، صحيحة تجعل البراءة من عهدة قراءة الفاتحة، فيما نرى، صعبة المنال، ما دام دليل الترك لم يتوافر له ما توافر لتلك الأدلة.

ذلك أن الحديث المحتج به على عدم القراءة: حوله كلام من ناحية السند، وأقوى ما فيه أن يعتبر مرسلًا (٢)، وقد أخذ الحنفية به لأنهم يعملون بالمرسل من الأحاديث.


(١) من هذه النصوص ما أخرجه الإمام أحمد وأصحاب الكتب الستة وغيرهم - كما سبق - من قوله ﷿: "لا تقبل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن"، وقوله: "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج"، وقوله: "لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب فما زاد".
(٢) المعروف عند المحدثين: أن (الحديث المرسل) هو: ما رواه التابعي عن رسول الله قولًا أو فعلًا أو تقريرًا، صغيرًا كان التابعي كالزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري، أو كبيرًا كعبيد الله بن عدي بن الخيار، وقيس بن أبي حازم، وسعيد بن المسيب. والذي اشتهر عند الأصوليين والفقهاء: أن المرسل يشمل المنقطع، وهو ما سقط منه راو واحد قبل التابعي، كما يشمل المعضل وهو ما سقط منه اثنان على التوالي.
انظر: "اختصار علوم الحديث" للحافظ ابن كثير (ص ٣١)، "نزهة النظر شرح نخبة الفكر" لابن حجر العسقلاني (ص ٢٧)، "تدريب الراوي، شرح تقريب النووي" للسيوطي (ص ١١٧ - ١١٨).
ولقد ذكر الحديث الذي نحن بصدده المجد بن تيمية في "منتقى الأخبار" من رواية عبد الله بن شداد ثم قال: وقد روي مسندًا من طرق كلها ضعاف، والصحيح: أنه مرسل.
وذكر ابن حجر في "فتح الباري" أنه ضعيف عند الحفاظ، وأنه قد أُعِلَّ من قِبَل الدارقطني وغيره (٢/ ١٦٤)، ورواه أحمد في "المسند" (١٤٦٤٣) بسند فيه انقطاع.
أما الزيلعي في "نصب الراية" (١/ ٦) فقد أطال الكلام في تخريجه للحديث، وذكر طرقه، وأوضح ما فيها من ضعف أو علة أو إرسال، وما يمكن أن يقوّي بعضه بعضًا من تلك الطرق. وحكى في مقدمة ذلك حكم الدارقطني الذي أشار إليه صاحب "الفتح". =

<<  <  ج: ص:  >  >>