للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلاة المقتدي والمنفرد، وذلك أخذًا من نفي الجنس المفهوم من (لا). والثاني (نص) في الجواز؛ لأنه أشد وضوحًا في إفادة معناه، لأن استعمال (لا) لنفي الفضيلة، واستعمال العام في بعض مفهوماته شائع ذائع.

وإذا كان الأمر كذلك: وقع التعارض في حق المقتدي، فيعمل بالنص ويحمل الأول وهو "صلاة إلا بفاتحة الكتاب" على المنفرد، أو على نفي الفضيلة (١).

هذا: والمسألة التي يتضمنها مثال صاحب "الكشف" - وهي حكم قراءة المأموم خلف الإمام - أمر تشعبت فيه المسالك وتعددت فيه الآراء. وجماع أقاويل الفقهاء فيه ثلاثة:

١ - وجوب قراءة المأموم خلف إمامه، فيما يجهر به وفيما لا يجهر: سواء أسمع المؤتم قراءة الإمام أم لم يسمعها. ذهب إلى ذلك مكحول، والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور.

٢ - وجوب قراءة المأموم خلف إمامه، في الصلاة السرية، دون الجهرية وبذلك قال الزهري، ومالك، وابن المبارك، وأحمد بن حنبل، وإسحاق.

٣ - عدم القراءة خلف الإمام مطلقًا، جهر الإمام، أو أسرّ، وإليه ذهب سفيان الثوري والحنفية (٢).

وهذا القول الأخير، هو الذي دافع عنه صاحب "كشف الأسرار" في المثال المتقدم الذي جاء به ردًا على المخالفين، حيث اعتبر حكم القراءة خلف الإمام دائرًا بين حديثين: أحدهما نص، والآخر ظاهر، وطبيعي أن يقدَّم النص على الظاهر ويحمل الظاهر عليه.

غير أن الفريق الآخر، يجيب على حجة الحنفية بأن حديث "فقراءة الإمام له قراءة" عام؛ لأن القراءة مصدر مضاف - وهو من صيغ العموم -


(١) راجع: "كشف الأسرار شرح أصول البزدوي" (١/ ٤٩).
(٢) راجع: "معالم السنن" للخطابي (١/ ٢٠٥ - ٢٠٨) "فتح القدير" مع "الهداية" (١/ ٢٣٨ - ٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>